فصل
قَوْلُ القَائِل: «دعا فلانٌ فلاناً من الجبل» يحتمل أن يكون الدعاء من الجبل كما يقول القائلك يا فلانُ (اصْعَدْ) إلى الجبل، (فيقال: دَعَاهُ من الجبل، ويحتمل أن يكون المدعوّ يُدْعَى من الجبل كما يقول القائل: يا فلانُ انزل من الجبل فيقال دعاه من الجبل)، ولا يخفى على العاقل أن الدعاء لا يكون من الرض إذا كان الداعي هو اللَّه، والمدعوّ يدعى من الأرض، يعني أنكم في الأرض فيدعوكم منها فتخرجون، وَإِذا هي الفجائية، قال أكثر العلماء معنى الآية: ثم إذا دعاكم دعوة إِذا أنتم تخرجون من الأرض.
فصل
قال ههنا: ﴿إذا أنتم تخرجون﴾ وقال في خلق الإنسان أولاً: ﴿ثم إذا أنتم بشر تنتشرون﴾ لأن هناك يكون خلقٌ وتقديرٌ وتدريجٌ حتى يصير التراب قابلاً للحياة فينفُخُ فيه روحَه فإذا هو بشر، وأما في الإعادة فلا يكون تدريجٌ وتراخٍ بل يكون نداء وخروج، فلم يقل ههنا: «ثُمَّ».
قوله: ﴿وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ﴾ قال ابن عباس: كل له مطيعون في الحياة والفناء والموت والبعث وإنْ عَصَوْا في العبادة. وقال الكلبي: هذا خاص لمن كان منهم مطيعاً. ولما ذكر الآيات التي تدل على القدرة على الحشر الذي هو الأصل الآخر والوحدانية التي هي الأصل الأول أشار إليهما بقوله: ﴿وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض﴾ ونفس السموات والأرض له وملكه فكُلٌّ له منقادون قانتون، والشريك يكون منازعاً، فلا شريك له أصلاً، ثم ذكر المدلول الآخر فقال: ﴿هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده﴾ يخلقهم أولاً، ثم يعيدهم بعد الموت للبعث.
قوله: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ في «أهون» قولان:
أحدهما: أنها للتفضيل على بابها وعلى هذا يقال: كيف يتصور التفضيل، والإعادة والبداءة بالنسبة إلى الله تعالى على حد سواء؟ في ذلك أجوبة: أحدها: أن ذلك بالنسبة