المنافقون: ٤] وإنما فعل به ذلك تشبيهاً بالمصادر نحو: «الوَلُوعُ، والقَبُول» وقد يقال: أعداءٌ، وعَدُوَّةٌ، وقوله: «عَدُوٌّ لي» على أصله من غير تقدير مضاف ولا قلب، لأن العدو والصديق يجيئان في معنى الواحدة والكثرة، قال الشاعر:
٣٩١٠ - وَقَوْمٌ عَلَى ذَوِي مِئْرَةٍ | أَرَاهُمْ عَدُوّاً وَكَانُوا صَدِيقَا |
وقيل: المعنى: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي﴾ لو عبدتهم يوم القيامة، كقوله:
﴿سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً﴾ [مريم: ٨٢]. (وقيل: الأصنام لا تُعادى لأنها جماد، والتقدير: فإن عبادهم عدو لي). وقيل: بل في الكلام قلب تقديره: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لهم وهذان مرجوحان لاستقامة الكلام بدونهما، فإن قيل: لم قال: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي﴾ ولم يقل فإنها عدو لكم؟ فالجواب: أنه - عليه السلام - صور المسألة في نفسه، بمعنى أني فكرت في أمري فرأيت عبادتي لها عبادة للعدو فاجتنبتها، وأراهم أنها نصيحة نصح بها نفسه، فإذا تفكروا وقالوا: ما نصحنا إبراهيم إلا بما نصح به نفسه فيكون أدعى إلى القبول.
قوله: ﴿إِلاَّ رَبَّ العالمين﴾ فيه وجهان:
أحدهما: أنه منقطع، أي: لكن رب العالمين ليس بعدوٍّ لي. وقال الجرجاني: فيه تقديم وتأخير، أي: أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون إلا ربّ