عليه شيطانين أحدهما على هذا المَنْكِبِ والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى هو الذي يسكت قال النحويون قوله: «لَهْوَ الحديث» من باب الإضافة بمعنى «مِنْ» ح لأن اللهو يكون حديثاً وغيرهَ فهو كباب، وهذا أبلغ من حذف المضاف.
قوله: «لِيُضِلَّ» (قرأه ابن كثير وأبو عمرو) بفتح حرف المضارعة، والباقون بضمه لمن «أَضَلَّ غَيْرَهُ» فمفعوله محذوف، وهو مستلزم للضلال لأن من «أَضَلَّ» فقد «ضَلَّ» من غير عكس، وقد تقدم ذلك في إبراهيم. قال الزمخشري هنا: فإن قلت: القراءة بالرفع بينة لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو أن يصد الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ويضلهم عنه، فما معنى القراءة بالفتح؟ قلت: معنيان:
أحدهما: ليثبت على ضلالة الذي كان عليه ولا يَصْدِفَ ويزيدَ فيه ويمده فإن المخذول كان شديد التمكّن في عداوة الدين وصد الناس عنه.
الثاني: ان موضع «ليضل» (موضع) من قِبَلِ أنَّ من «أَضَلَّ» كان ضالاًّ لا محالة، فدل بالرَّدِيفِ على المَرْدُوفِ.

فصل


روي عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير قالوا: (لهو) الحديث هو الغناء، والآية نزلت فيه، ومعنى قوله: ﴿مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث﴾ أي يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن، وقال ابن جريح: هو الطبل، وقال الضحاك: وهو الشرك، وقال قتادة: حسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ.


الصفحة التالية
Icon