الزمر «لأَجِلٍ» ؛ لأن المعنيين لائقان بالحرفين فلا عليك في أيهما وقَعَ. قال الأكثرون: هذا خطاب للنبي - عليه السلام - والمؤمنين، وقيل: عام، ثم قال: ﴿وَأَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أي لما كان الليلُ والنهارُ محلَّ اأفعال بين أن ما يقع في هذين الزمانين اللذين هما بتصرف الله لا يخفى على الله، وقرأ أبو عمرو في رواية - ﴿وأنَّ اللَّهَ بِمَا يَعملون﴾ - بياء الغيبة، والباقون بتاء الخطاب. قوله: ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الباطل﴾ أي ذلك الذي ذكرت، لتعلموا أن الله هو الحق ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الباطل﴾ أي الزائل يقال: بطل ظله، إذ زال ﴿وَأَنَّ الله هُوَ العلي﴾ أي في ذاته.
قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِي فِي البحر بِنِعْمَةِ الله﴾ لما قال ألم تر أن الله يولج الليل في النهار وسخر الشمس والقمر ذكر آية سماوية وأشار إلى السبب والمسبِّب ذكر بعده آية أرضية وأشار إلى السبب والمسبب بقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِي فِي البحر﴾ وقوله: «بِنِعْمَةِ اللَّهِ» أي الريح التي هي بأمر الله ﴿لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ﴾ يعني يريكم بإجرائها «بِنِعْمَةِ اللَّهِ» بعض آياته وعجائبه ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ على أمر الله «شَكُور» على نعمه.
قوله: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كالظلل﴾ لما قال: إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكلّ صَبَّارٍ ذكر أن الكُلَّ معترف به غير أن البصير يدركه أولاً ومن في بصيرته ضعف لا يُدْرِكُه أولاً فإذا غَشِيَه موج ووقع في شدة اعترف بأن الكل للَّه ودعاه مخلصاً. وقوله: «كالظلل» قال مقاتل: كالجبال، وقال الكلبي: كالسحاب.
والظلل جمع الظُّلَةِ شبه بها الموج في كثرتها وارتفاعها، وجعل الموج وهو واحد كالظُّلَلِ وهو جمع لأن الموج يأتي منه شيء بعد شيء وقوله: ﴿دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين﴾ أي يتركون كل من دعوهم ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر﴾ أي نجاهم من تلك الشدة فمنهم من يبقى على تلك الحالة ووصفهم بقوله: «فَمنْهُمْ مُقْتَصِدٌ» أي عدل موف في البر بما عاهَدَ اللَّهَ عليه في البحر من التوحيد له يعني على إيمانه. قيل: نزلت في عكرمةَ بْنِ أبي جهل هَرَبَ عام الفتح في البحر فجاءهم ريح عاصف فقال عكرمةُ: لئن أنجاني الله من هذا الأمر لأرجعن إلى محمد ولأضع