فسواء يُعَبَّر بألفِ سنةٍ أو بخمسينَ ألفَ سنةٍ) لا يتفاوت إلا أن المبالغة بالخمسين أكثر، وسيأتي بيان فائدتها في موضعها إن شاء الله تعالى. وقيل: ألفُ سنة وخمسونَ ألفَ سنةٍ كلها في القمة يكون على بعضهم أطول، وعلى بعضهم أقصر معناه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ثم يعرج أي يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا وانقطاع أمر الأمراء أو حكم الحكماء في يوم مقداره ألأف سنة وهو يوم القيامة فأما قوله ﴿خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ فإنه أراد على الكافر يجعل ذلك اليوم عليه مقدار خمسين ألف سنة وعلى المؤمن دون ذلك حتى جاء في الحديث أنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا، وقال إبراهيم التيميّ (لا) يكون على المؤمن (إلا) كما بين الظُّهْر والعَصْر، ويجوز أن يكون هذا إخباراً عن شدته ومشقته وهوله، وقال ابْنُ أبي مليكَةِ: دخلت أنا وعبد الله بن فَيْرُوزَ علي ابن عباس فسألناه عن هذه الآية وعن قوله: ﴿خمسين ألف سنة﴾ فقال ابن عباس: أيام سماها الله لا أدري ما هي أكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم.
قوله: «مِمَّا تَعُدّونَ» العاملة على الخطاب، والحَسَنُ، والسُّلميُّ، وابْنُ وَثَّابٍ والأعْمَشُ بالغيبة، وهذا الجار صفة «لأَلْفٍ» أو «لِسَنَةٍ».
قوله: «ذَلِكَ عَالِمُ» العامة على رفع «عالم» و «العزيزُ» و «الرَّحِيمُ»، على أن يكون «ذلك» مبتدأ، و «عالم» خبره و «العَزِيزُ والرَّحِيمُ» خبران أو نعتان أو «العزيز الرحيم» مبتدأ وصفة. و «الَّذِي أَحْسَنَ» خبره، أو «العَزِيزُ الرَّحيم» خبر مبتدأ مضمر. وقرأ زيدُ (بن علي) بجر الثلاثة وتخريجها على إشكالها: أن يكون «ذَلِكَ» إشارة إلى الأمر المدبَّر، ويكون فاعلاً (ليَعْرُجُ)، والأوصاف الثلاثة بدل من الضمير في «إلَيْهِ» أيضاً. وتكون الجلمة بينهما اعتراضاً.