الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - كان متقياً فما الوجه في قوله «اتق الله» ؟.
فالجواب: أنه أمر (بالمدينة) بالمداومة فإنه يصح أن يقال للجالس: اجلس ههنا إلى أن يأتيك ويقال للساكت قد أصبت فاسكت تسلم أي دُمْ على ما أنت عليه، وأيضاً من جهة العقل أن الملك يتقي منه عباده على ثلاثة أوجه بعضهم يخاف من عقابه وبعضهم يخاف من قطع ثوابه وثالث يخاف من احتجابه فالنبي - عليه (الصلاة و) السلام لم يؤمر بالتقوى بالأول ولا بالثاني، وأما الثالث: فالمخلص لا يأمنه ما دام في الدنيا فكيف والأمور البدنية شاغلة فالآدَميُّ في الدنيا تارة مع الله والأخرى مقبل على ما لا بد منه وإن كان معه الله وإلى هذا أشار بقوله: ﴿إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَيَّ﴾ [الكهف: ١١٠] يعني برفع الحجاب عني وقت الوحي ثم أعود إليكم كأني منكم فأُمِرَ بتقوى توجب استدامة الحضور، وقال المفسرون: نزلت في أبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور عمرو بن أبي (رأس المنافقين) بعد قتال أحد وقد أعطاهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قولهم الأمان على أن يكلموه فقام (معهم) عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح، وطُعْمَةُ بن أُبَيْرِق فقالوا للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعنده عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ارفض ذكر آلهتنا اللاتَ والعُزَّى ومَنَاةَ وقل إن لها شفاعةً لمن عبدها وندعك وربَّك فشق على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قولهم فقال عمر: يا رسول اللَّهِ ائذنْ لي في قتلهم. فقال: إني قد أعطيتهم الأمان. فقال عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه وأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمر أن يُخْرِجَهُمْ من المدينة فأنزل الله: ﴿ياا أَيُّهَا النبي اتق الله﴾ أي دُم على التقوى كما يقول ارجل لغيره وهو قائم: «قُمْ قائماً» أي اثبتْ قائماً، وقيل: الخطاب مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والمراد الأمة، وقال الضحاك معناه: اتق الله ولا تَنْقُضِ العهد الذي بينك وبينهم.
قوله: ﴿وَلاَ تُطِعِ الكافرين﴾ أي من أهل مكة يعني أبا سفيان، وعكرمة وأبا الأعور، والمنافقين من أهل المدينة عبد الله بن أبي، وطعمة ﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً (حَكِيماً﴾ بخلقه قبل أن يخلقهم حكيماً فيما دبره لهم
فإن قيل: لم خص الكافر والمنافق بالذكر مع أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينبغي أن لا يطع أحداً غير الله؟
فالجواب من وجهين: