في قوله: ﴿والذين يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ﴾ [المجادلة: ٢، ٣] إلا الأخوين، فإنهما خالفا أصلهما هنا فقرءا في المجادلة بتشديد الظاء كقراءة ابن عامر.
والظهار مشتق من الظَّهْر، وأصله أن يقول الرجل لامرأته: «أنْتَ عَلَيَّ كظَهْرِ أُمِّي» وإنما لم يقرأ الأخوان بالتخفيف في المجادلة لعدم المسوِّغ له وهو الحذف؛ لأن الحذف إنما كَان لاجتماع مثلين وهما التاءان وفي المجادلة ياء من تحت وتاء مِن فوق فلم يجتمع مثلان فلا حذف فاضطر إلا الإدغام، وهذا ما قرىء به متواتراً، وقرأ ابن وثاب «تَظهَّرُونَ» بفتح التاء والظاهء مخففة وتشديد الهاء والأصل: تَتَظَهَّرُونَ مضارع «تَظَهَّر» مشدداً، فحذف إحدى التاءين، وقرأ الحسن «تُظَهِّرُونُ» بضم التاء وفتح الظاء مخففة وتشديد الهاء مكسورة مضارع «ظَهَّرَ» مشدداً وعن أبي عمرو «تَظْهَرُونَ» بفتح التاء والهاء وسكون الظاء مضارع «ظَهَرَ» مخففاً وقرأ أُبَيٌّ - وهي في مصحفه كذلك - تَتَظَهَّرُونَ - بتاءين فهذه تسع قراءات، أربعٌ متواترة، وخمسٌ شاذة، وأخذ هذه الأفعال من لفظ «الظَّهْرِ» كأخذ «لَبَّى» من التَّلْبِيَةِ، و «أفف» من أُفّ. وإنما عدي «بمن» لأنه ضمن معنى التباعد كأنه قيل: يَتَبَاعَدُونَ من نسائهم بسبب الظهار كما تقدم في البقرة في تعدية الإيلاء (بِمِنْ).
فصل
الظهار أن يقول الرجل لامرأته: أَنْتِ عَلَيَّ كظهرِ أمي، فقال الله تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ نِسَاءَكُمْ اللاتي تقولون لهم هذا في التحريم كأمهاتكم ولكنه منكر وزور. وفيه كفارة يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في سورة المُجَادَلَة.
قوله: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ﴾ (يعني) ما جعل من تبنّيتموهم أبناءكم، (نسخ) التبني، وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يتبنى الرجل فيجعله كالابن يدعوه الناس إليه ويرث ميراثه، «وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعتق زيد بن حارثة بن شراحبيل