قوله: ﴿مِنْ رَحْمَةٍ﴾ تبين أو حال من اسم الشرط ولا يكون صفة ل» ما «لأن اسم الشرط لا يوصف قال الزمخشري: وتنكير الرحمة للإشاعة والإبهام كأنه قيل: أيّ رحمةٍ كانت سماويةً أو أرضية؟ قال أبو حيان: والعموم مفهوم من اسم الشرط و» من رحمة «بيان لذلك العام من أي صنف هو وهو مما اجْتُزِئَ فيه بالنكرة المفردة عن الجمع المعرف المطابق في العموم لاسم الشرط وتقديره من الرحمات. و» من «في موضع الحال. انتهى.
قوله ﴿وَمَا يُمْسِكْ﴾ يجوز أن يكون على عمومه أيْ أيّ شيء أمْسَكَه من رحمة أو غيرها.
فعلى هذا التذكير في قوله له ظاهر لأنه عائد على «ما يمسك»
ويجوز أن يكون قد حذف الميَّن من الثاني لدلالة الأول عليه تقديره وما يمسك من رحمة فعلى هذا التذكير في قوله: «له» على لفظ «ما» وفي قوله أولاً: فلا ممسك لها التأنيث فيه حمل على معنى «ما» لأن المراد به الرحمة فحل مأولاً على المعنى وفي الثاني على اللفظ. والفَتْحُ والإمساك استعارة حسنة «وَهُوَ العَزِيزُ» فيما أمسك أي كامل القدرة «الحَكِيمُ» فيما أرسل أي كامل العلم. قال - عليه (الصلاة و) السلام «الَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجدّ مِنْكَ الجِدُّ».
قوله: ﴿يا أيها الناس اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ﴾ لما بين أن الحمد لله وبين بعض وجوه النعمة التي تَسْتَوجبُ الحمدل على سبيل التفصيل بني النعمة على سبيل الإجمال فقال: ﴿اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ﴾ وهي مع كونها منحصرة في قسمين نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء فقال: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله﴾ إشارة إلى نعمة الإيجاد في الابتداء وقال: ﴿يَرْزُقُكُمْ﴾ إشارة إلى نعمة الإبقاء بالرزق في الانتهاء.
قوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله﴾ قرأ الأخوان «غَيْرٍ» بالجر نعتاً «لِخَالِقٍ» على اللّفظ و «مِنْ خَالِقٍ» متبدأ مراد فيه «من» وفي خبره قولان:
أحدهما: هو الجملة من قوله: ﴿يَرْزُقُكُمْ﴾.


الصفحة التالية
Icon