واصلاً إليه فيها دائماً أبداً وجعل قبلها داراً فيه الآلام والأسقام وفيها الموت ليعلم المكلق مقدار ما يكون فيه في الآخرة إذا نسبه إلى ما قبله.
قوله:» والِّذِين سَعَوْا «يجوز فيه وجهان:
أظهرهما: أنه مبتدأ و»
أولئك « (و) ما بعده خبره.
والثاني: أنه عطف على الذي قبله أي ويجزي الذين سعوا ويكون»
أُلَئِكَ «الذي بعده مستأنفاً و» أُلَئِكَ «الذي قبله وما في خبره معترضاً بين المُتَعَاطِفَيْن.
قوله: ﴿والذين سَعَوْا في آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ أي في إبطال أَدِلَّتِنَا مُعَاجِزِينَ يحسبون أنهم يَفُوتُونَنَا وقد تقدم في الحج قراءتا معاجزين. وعلم أنه تعالى لما بين حال المؤمنين يوم القيامة بين حال الكافرين والمراد بهم الذين كذبوا بآياتنا وقوله:»
مُعَاجِزِينَ «أي سَعَوا في إبْطَالِهَا لأن المكذّب آتٍ بإخفاء آياتِ بيناتٍ فيحتاج إلى السعي العظيم والجدّ البليغ ليروّج كَذِبَهُ لعله يُعْجز المتمسك به.
قوله: ﴿أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ﴾ قرأ ابنُ كثير وحفصٌ هنا وفي الجاثية ألِيمٌ بالرفع والباقون بالخفض. فالرفع على أنه نعت»
لعَذَابِ «والخفض على أنه نعت» لرجزٍ «إلا أن مَكِّيَّا ضعف قراءة الرفع واستبعدها قال: لأن الرّجز هو العذاب فيصير التقدير عذاب أليم من عذاب وهذا المعنى غير ممكن قال: والاختيار خَفْضُ» أليم «لأنه أصحّ في التقدير والمعنى إذ تقديره لهم عذابٌ من عذابٍ أليم أي هذا الصِّنف من أصناف العذاب، لأن العاب بعضه آلم من بعض وأجيب: بأن الرجز مطلق العذاب فكأنه قيل: لهم هذا الصنف من العذاب من جنس العذاب، وكأن أبا البقاء لَحَظَ هذا حيث قال: وبالرفع صفة لعذاب، والرِّجْز مطلق العذاب.


الصفحة التالية
Icon