في قوله: ﴿وَلاَ الظلمات﴾ إلى آخره مكررة لتأكيد النفي وقلا ابن عطية: دخول «لا» إنما هو على نية التكرار كأنه قال: ولا الظلمات والنور والظلمات فاستغنى بذكر الأوائل عن الثَّوَانِي ودل مذكور الكلام على متروكه؟ قال أبو حيان: وهذا غير محتاج إليه لأنه إذا نفي استؤاءهما أولاً فأي فائدة في نفي استوئهما ثانياً؟ وهو كلام حسن إلا أن أبا حيان هنا قال: فدخول «لا» في النفي لتأكيد معناه كقوله: ﴿وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة وَلاَ السيئة﴾ [فصلت: ٣٤] وللناس في هذه الآية قولان:
أحدهما: ما ذكر.
والثاني: أنها غير مؤكدة إذ يراد بالحسنة الجنس وكذلك السَّيِّئة فكل واحد منهما متفاوت في جنسه لأن الحسان درجات متفاوتة وكذلك السيئات وسيأتي تحقيق هذا إن شاء الله تعالى. فعلى هذا يمكن أن يقال بهذا هنا في الظاهر؛ إذ المراد مقابلة هذه الأجناس بعضها ببعض لا مقابلة بعض أفراد كل جنس على حدته ويرجح هذا الظاهر التصريح بهذا في قوله أولاً: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير﴾ حيث لم يكررها وهذا من المواضع الحسنة المفيدة. «والْحَرُورُ» شدة حر الشمس وقال الزمخشري: الحرور السَّمُوم إلا أنّ السًّمُومَ بالنهار والحرور فيه وفي الليل قال شهاب الدِّين: وهذا مذهب الفراء وغيره. وقيل السموم بالهار والحرور بالليل خاصة. نقله ابن عطية عن رؤبة. وقال: ليس بصحيح بل الصحيح ما قال الفراء. وهذا عجيب منه كيف يرد على أصحاب اللِّسان بقول من يأخذ عنهم؟ وقرأ الكسائي - في رواية زَاذَانَ - عنه «


الصفحة التالية
Icon