(قوله) «أَفْتَرى» هذه همزة الاستفهام وحذفت لأجلها همزة الوصل فلذلك ثبتت همزة الهمزة وصلاً وابتداء. قال البغوي: هذه ألف استفهام دخلت على ألف الوَصْل فلذلك نُصِبَ «عَلَى اللَّهِ كَذِباً» وبهذه الآية استدل الجَاحِظُ على أن الكلام ثلاثة أقسام صِدق وكَذِب ولا صدق ولا كذب ووجه الدلالة عنه على القسم.
الثالث: أن قوله «بِهِ» جُنَّةٌ «لا جائز أن يكون كذباً لأنه قسيم الكذب وقسيم الشيء غيره ولا جائز أن يكون صدقاً لأنهم لم يعتقدوه فثبت قسم ثالث. وأجيب عنه بأنَّ المعنى: أَمْ لَمْ يَفْتَر، ولكن عبر عن هذا بقولهم:» أَمْ بِهِ جِنَّةٌ «؛ لأن المجنون لا افتراء له والظاهر في» أم «هذه أنها متصلة لأنها تقدر بأيِّ الشَّيْئَين ويجاب بأحدهما لأنه قيل: أي الشيئين واقع افتراؤه الكذب أم كونه مجنوناً ولا يضر كونها بعدها جملة لأن الجملة بتأويل المفرد كقوله:

٤١١٢ - لاَ أُبَالِي أَنَبَّ بالحَزْن تَيْسٌ أَمْ جَفَانِي بظَهْرِ غَيْب اللَّئِيمِ
ومثل قوله الآخر:
٤١١٣ - لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وإنْ كُنْتُ دَارِياً شُعَيْثُ بْنُ سَهْم أمْ شُعَيْثُ بْنُ مِنْقِرِ
لأن»
منقر «خبر لا نعت كذا أنشده بعضهم مستشهداً على أنها جملة وفيه حذف التنوين بما قبل» ابن «وليس بصفة، وهذا إشارة إلى البحث المتقدم في سوة التوبة.


الصفحة التالية
Icon