فسبح الله جعلت الجبال تجاوبه بالتسبيح. وقيل: كان داود إذا لحقه فتور أسمعه الله تسبيح الجبال تنشيطاً له.
قوله: «وَأَلَنَّا» عطف على «آتَيْتَا» وهو من جملة الفَضْل، قال ابن الخطيب: ويحتمل أن يعطف على «قلنا» في قوله ﴿ياجبال أَوِّبِي..... وَأَلَنَّا﴾.

فصل


ألان الله تعالى له الحديد حتى كان في يده كالشمع والعجين يعمل منه ما يشاء من غير نار ولا ضرب مِطْرَقَةٍ وذلك في قدرت الله يسير، روي أنه طلب من الله أن يغنيه عن أكل مال بيت المال فألان الله له الحديدَ وعلمه صنعة اللَّبُوس وهي الدرع وأنه أول من اتخذها. وإنما اختار الله له ذلك لأنه وقاية للروح التي هي من أمره وتحفظ الآدمي المكرم عند الله من القتل، فالزَّرَّاد خيرمن القوَّاس والسَّيَّاف وغيرهما؛ لأن القوس والسيف وغيرهما من السلاح رُبَّمَا يستعمل في قتل النفس المحرمة، بخلاف الدَّرع قال عليه (الصلاة و) السلام: «كَانَ دَاوُدُ لاَ يَأكُلُ إلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ».
قوله: ﴿أَنِ اعمل﴾ فيه وجهان:
أظهرهما: أنها مصدرية على حذف الجر أي لأَنْ.
والثاني: قاله الحَوْفيُّ وغيره إنها مفسرة لقوله: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الحديد أَنِ اعمل سَابِغَاتٍ﴾ ورد هذا بأن شرطها تقدم بما هو بمعنى القول ولم يتقدم إلا «أَلَنَّا»، واعتذر بعضهُم عن هذا بأن قَدَّر ما هو بمعنى القول أي وأَمَرْنَاهُ أَنْ اعْمَلْ. ولا ضرورة تدعو إلى ذلك، وقرئ: «صَابِغَاتٍ» لأجل الغين وتقديم تقديره في لقمان عند «وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ».


الصفحة التالية
Icon