ارتفع الكواكب به، وإن جعلتها اسماً لما يزان به فعلى هذا ترفتع «الكواكب» بإضمار مبتدأ أي هي الكواكب. وهي في قوة البدل ومنع الفراء إعمال المصدر المنون ورغم أنه لم يُسْمعْ وهو غلط لقوله تعالى: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾ [البلد: ١٤] كما سيأتي إن شَاءَ اللَّهُ. قوله: «وَحِفْظاً» منصوب على المصدر، بإضمار فعل أي حَفِظْنَاهَا حِفظاً، وإما على المفعول من أجله على زيادة الواو والعامل فيه زَيَّنَّا أو على أن يكون العامل مقدراً أي لحِفْظِهَا زَيَّنَّا أو على الحمل على المعنى المتقدم أي: إنا خلقنا السماء الدينا زينةً وحفظاً، و «مِنْ كُلّ» ويجوز أن يكون صفةً «لِحفْظاً» قال المبرد: إذا ذكرت فعلاً ثم عطفت عليه مصرد فعل آخر نصبت المصدر لأنه قد دل على فعله كقولك: أفْعَلُ وكَرَامَةً لما قال أفعل علم أن الأسماء لا تعطف فكان المعنى أفْعَل ذَاكَ واُكْرِمُكَ كَرَامَةً.
فصل
قال ابن عباس «زينا السماء الدينا» بضوء الكواكب «وحفظناها من كل شيطان مارد» متمرد يرمون بها، وتقدم الكلام على المارد عن قوله: ﴿مَرَدُواْ عَلَى النفاق﴾ [التوبة: ١٠١] واعمل أنه تعالى بين أنه زين السماء لمنفعتين:
إحداهما: تحصل الزينة.
والثانية: الحفظ من الشيطان المارد.
فإن قيل: ثبت في علم الهيئة أن هذه الكواكب الثوابت مركوزة في الكرة الثامنة وأن السيارات مركوزة في الكرات السِّتَّةِ المحيطة بسماء الدنيا فكيف يصح قوله: إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب؟.