مع ما بعده من قوله الباري تعالى، وبعضهم جعل «هَذَا يَوْمُ الدِّينِ» من كلام الكفار الكفرة فيقف عليه، وقوله: ﴿هذا يَوْمُ الفصل﴾ من قول الباري تعالى: وقيل: الجمع من كلامهم وعلى هذا فيكون قوله: ﴿تُكَذَّبُونَ﴾ إما التفاتاً من التكلم إلى الخطاب وإما مخاطبة بعضهم لبعض.

فصل


لما بين في الآية المتقدمة ما يدل على إنكار البعث والقيامة وأرْدَفَهُ بما يدل على وقوع القيامة ذكر في هذه الآيات بعض تفاصيل أحوال القيامة فمنها قوله: «فإنما هي زجرة واحدة» أي صيحة واحدة وهي نفخة البعث فإذا هم ينظرون أي إحياء ينظر بعضهم إلى بعض، وقيل: ينتظرون ما يحدث لهم أو ينظرون إلى البعث الذي كذبوا به والزجرة هي الصيحة التي زجرها كالزجرة بالنَّعَمِ والإبل عند الحثّ، ثُمَّ كثر استعمالها حتى صارت بمعنى الصيحة، قال ابن الخطيب: ولا يبعد أن يقال تلك الصحية إذا سميت زجرة لأنها تزجر الموتى عن الرقود في القبور وتحثهم على القيام من القبور إلى الحضور في موقف القيامة.
فإن قيل: فما الفائدة في هذه الصحية للأموات وهذه النفخة جاية مَجْرَى السبب ليحاتهم فتكون مقدمة على حياتهم فلزم أن هذه الصيحة إنما تكون حالاً لكونهم أمواتاً فتكون الصيحة عديمة الفائدة فهي عَبَثٌ والعبث لا يجوز في فِعل الله؟
فالجواب: على قول أهل السنة يفعل الله ما يشاء وأما المعتزلة فقال القاضي: فيه وجهان:
الأول: أن يعتبر بها الملائكة.
والثاني: أن تكون فائدتها التخويف والإرهاب (انتهى) وهذه الصيحة لا تأثير لها في الحياة بدليل أن الصيحة الأولى استعقبها الموت والثانية الحياة وذلك يدل على أن الصيحة لا أثر لها في الموت ولا في الحياة بل خالق الموت والحياة هوا لله (وذلك يدل على أن الصيحة لا أثر لها «كما قال: ﴿الذي خَلَقَ الموت والحياة﴾
[الملك: ٢] روي أن الله تعالى يأمرنا سراً قيل فينادى أَيَّتَّها العِظَامُ النَّخِرَة، والجُلُودُ البالية والأجزاء المتفرقة اجتمعوا بإذن الله تعالى. الحالة الثانية من تفاصيل أحوال القيامة قولهم بعد القيام من القبور: «يا ويلنا هذا يوم الدين»
أي يوم الحساب ويوم الجزاء. قال الزجاج: الويل كلمة


الصفحة التالية
Icon