لذائقون ولكنه عدل به إلى لفظ المتكلم لأنهم متكلمون بذلك عن أنفسهم ونحوه قول القائل:
٤١٩١ - لَقَدْ عَلِمَتْ هَوَزِانُ قَلَّ مَالِي........................
ولو حكمى قولها لقال: قَلَّ مَالُكَ، ومنه قول المحلف للحالف احلف (لأخْرُجَنَّ) ولَتَخْرُجَنَّ، الهمزة لحكاية الحالف، والتاء لإقبال المحالف على المحلف.
قوله: ﴿فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ﴾ أي إنما أقدمنا إغوائكم لأنا كنا موصفين في أنفسنا بالغِوَايَةِ. وفيه دقيقة أخرى كأنهم قالوا: إن اعتقدتم أن غوايتكم بسبب إغوائنا فغوايتنا إن كانت بسبب إغواء غاوٍ آخر لزم التسلسل. وذلك محال فعلمنا أن حصول الغواية والرشاد ليس من قِبَلِنَا بل من قِبَل غيرنا. وذلك الغير هو الذي فيما قبل وهو قوله: ﴿فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ﴾ ثم قال تعالى بعده: ﴿فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي العذاب مُشْتَرِكُونَ﴾ يعني الرؤساء والأتباع يومئذ يُسْأَلُو (نَ) ويُرَاجِعُو (نَ) الكلام فيما بينهم ثم قال: ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أي الكفار.
قال ابن عباس: الذين جعلوا لله شركاء ثم وصفهم بأنهم «إذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ» يتكبرون عن كلمة التوحيد ويمتنعون منها ﴿وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لتاركوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ﴾ يعني النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقرأ ابن كثير أينا لتاركوا برهمزة وياء بعدها خفيفة وألف ساكنة بلا مدة وقرأ نافع في رواية قالون وأبو عمرو كذلك، ويمدان والباقون بهمزتين بلا مد، ثم إنه تعالى كذبهم في ذلك الكلام بقوله: ﴿بَلْ جَآءَ بالحق﴾ أي جاء بالدين الحق.
قوله: ﴿وَصَدَّقَ المرسلين﴾ أي صدقهم محمد - عليه (الصلاة و) السلام - يعني


الصفحة التالية
Icon