على حذف اسم جمع هذه صفته أي إنكم لفريقٌ أو لجمعٌ ذائقٌ ليتطابق الاسم والخبر في الجَمْعِيَّة ثم كأنه قيل: فكيف يليق بالرحيم الكريم المتعالي عن النفع والضر أن يعذب عباده؟ فأجاب بقوله: ﴿وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي «إلا جزاء ما كنتم تعملون».
قوله: ﴿إِلاَّ عِبَادَ الله﴾ استثناء منقعطع أي لكن عباد الله المخلصين الموحدين، وقوله: ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ﴾ بيان لحالهم، وقد تقدم في فتح اللام وكسرها من المْخْلَصِينَ قراءتان فمن قرأ بالفتح فالمعنى أن الله تعالى أخلصهم واصطفاهم بفضله. والكسر هو أنهم أخلصوا الطاعة لله تعالى والرزق المعلوم قيل: بُكْرَةً وعَشِيًّا لقوله: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ [مريم: ٦٢] فيكون المراد منه معلوم الوقت وهو مقدار غَدْوَةٍ أو عَشْوَة وإن لم يكن ثم بكرة ولا عشية. وقيل: ذلك الرزق معلوم الصفة أي مخصوصاً بصفات من يطب طعم ولذة وحسن منظر. وقيل معناه أنهم القدر الذي يستحقونه بأعمالهم من ثواب الله وقد (بين أنه) تعالى يعطيهم غير ذلك تَفَضُّلاً.
قوله: ﴿فَوَاكِهُ﴾ يجوز أن يكون بدلاً من «رزقٍ» وأن يكون خبراً ابتداء مضمر أي ذلك الرزق فَوَاكِهُ وفي الْفَوَاكِهِ قَوْلاَنِ:
أحدهما: أنها عبارة عما يؤكل للتلذذ لا للحاجة وأرزاق أهل الجنة كلها فواكه لأنهم مستغنون عن حفظ الصحّة بالأقوات فإن أجسامهم محكومة ومخلوقة للأبد فكل ما يأكلونه فهو على سبيل التلذذ.
والثاني: أن المقصود بذكر الفاكهة التنبيه بالأدنى على الأعلى، لما كانت الفاكهة حاضرة أبداً كان المأكول للغذاء أولى بالحضور.