قال مقاتل: وعجاب - يعني بالتخفيف - لغة أَزْدِ شَنُوءَةَ، وهذه القراءة أعني بالتشديد كقوله: ﴿وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً﴾ [نوح: ٢٢] وهو أبلغ من كُبَارٍ وكُبَارٌ أبلغ من كَبِير، وقوله: «أَجَعَلَ» أي أصَيَّرها إلَهاً واحداً في قوله وزعمه.
قوله: ﴿وانطلق الملأ مِنْهُمْ﴾ الملأ: هم القوم الذين إذا حضروا امتلأت العيونُ والقلوبُ من مهابتهم، وقوله «مِنْهُمْ» أي من قريش انطلقوا عن مجلس أبي طالب بعد ما بكَّتهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالجواب العنيد قائلين بعضهم لبعض: «أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا على آلِهَتِكُمْ»، وذلك «أن عُمَرَ بْنَ الخطاب أسلم فشق ذلك على قريش وفرح به المؤمنون فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش وهم الصناديد والأشراف وكانوا خمسةً وعشرينَ رجلاً أكبرهم سنًّا الوليد بن المغيرة قال لهم: امشوا إلى أبي طالب فأتَوْا أبا طالب وقالوا له: انت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وإنا قد أتينَاك لتقضيَ بيننا وبين ابن أخيك، فأرسل أبو طالب إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فدعا به فقال يا ابن أخي: هؤلاء قومك يسألونَك السَّوَاءَ فلا تَمِلْ كُلَّ الميل على قلومك، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:» مَاذَا تسألون؟ «فقالوا: ارْفُضْ ذكرَ آلهتنا ونَدَعُكَ وآلهتَك فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أعطوني كلمةً واحدة تملكون بها العرب وتدين لكمن بها العجز فقال أبو جهل لله أبوك لنُعْطِيكَها وعشراً أمثالها فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قولوا لا إله إلا الله فنفروا من ذلك وقالوا: أجعل الآلهة إلهاً واحداً كيف يسع الخلق كلهم إله واحد؟} ﴿هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ أي عجيب».
قوله: ﴿أَنِ امشوا﴾ يجوز أن تكون «أن» مصدرية أي انطلقوا بقولهم أَنِ امْشُوا، وأن تكون مفسِّرَة إما «لانْطَلَقَ» لأنه ضمن معنى القول، قول الزمخشري: لأن المنطلقين عن مجلس التقاول لا بد لهم أن يتكلموا ويتعارضوا فيما جرى لهم انتهى.
وقيل: بل هي مفسرة لجملة محذوفة في محل حال تقديره وانْطَلَقُوا يتحاورون أَن امْشوا.
ويجوز أن تكون مصدرية معمولة لهذا المقدر وقيل: الانطلاق هنا الاندفاع في