مقابلة قوله: ﴿هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ﴾ والمراد «بالطاغين» : الكفار، وقال الجبائي: هم أصحاب الكبائر سواء كانوا كفاراً أم لا، واحتج الأولون بقوله: ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً﴾ ؛ ولأن هذا ذمّ مطلق فلا يحمل إلا على الكامل في الطغيان وهو الكافر، واحتج الجبائي بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الإنسان ليطغى أَن رَّآهُ استغنى﴾ [العلق ٦ - ٧] فدل على أن الوصف بالطغيان قد يحصل لصاحب الكبيرة، لأن كل من تجاوز حدّ تكاليف الله وتعداها فقد طغى.
قوله: ﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المهاد﴾ يجوز أن يكون بدلاً من «شَرَّ مَآبِ» أو منصوبة بإضمار أعني فعل، وقياس قول الزمخشري في: «جَنَّاتِ عَدْنٍ» أي يكون عطف بيان وأن يكون جهنم منصوبة بفغل يتقدمه على الاشتغل أي يَصْلَوْنَ جَهْنَّمَ يَصْلَوْنَها، والمخصوص بالذم محذوف أي «هِيَ».
قوله: ﴿فَبِئْسَ المهاد﴾ هو معنى قوله: ﴿لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١] شبَّه الله تعالى ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفرشه النائمُ.
قوله: ﴿هذا فَلْيَذُوقُوهُ﴾ في هذا أوجه:
أحدها: أن يكون مبتدأ وخبره: «حميمٌ وغَسَّاقٌ» وقد تقدم أن اسم الإشارة يكتفي بواحدة في المثنى كقوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذلك﴾ [البقرة: ٦٨] أو يكون المعنى: هذا جامع بين الوصفين ويكون قوله: ﴿فَلْيَذُوقُوهُ﴾ جملة اعتراضية.
الثاني: أن يكون «هذا» منصوباً بمقدر على الاشتغال أي لِيَذُوقُوا هذا، وشبهه الزمخشري بقوله تعالى: ﴿وَإِيَّايَ فارهبون﴾ [البقرة: ٤٠] يعني على الاشتغال والكلام على مثل هذه الفاء قد تقدم و «حمِيمٌ» على هذا خبر مبتدأ مضمر، أو مبتدأ وخبره مضمر أي مِنْهُ حميمٌ ومنهُ غسَّاقٌ كقوله: