قوله: ﴿لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى﴾ لاختار ﴿مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ يعني الملائكة كما قال: ﴿لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ﴾ [الأنبياء: ١٧] ثم نزه نفسه فقال: ﴿سُبْحَانَهُ﴾ تنزيهاً له عن ذلك وعما لا يليق بطهارته ﴿هُوَ الله الواحد القهار﴾ والمراد من هذا الكلام إقامة الدلائل القاهرة على كونه منزهاً عن الولد.
قوله: ﴿خَلَقَ السماوات والأرض بالحق﴾ لما بين في الآية المتقدمة كونه منزهاً عن الولد بكونه إلهاً واحداً قهاراً أي كامل القدرة ذكر عقيبها ما يدل على الاستغناء. وأيضاً لما أبطل إلهيَّة الأصنام ذكر عقيبها الصفات التي باعتبارها تحصل الإلهية، وقد تقدم أن الدَّلائل التي يذكرها الله تعالى في إثبات الإلهية إمّا أن تكون فلكية أو أرضيَّة أما الفلكية فأقسام:
أحدها: خلق السموات والأرض. وقد تقدم شرحها في تفسير قوله تعالى: ﴿الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السماوات والأرض﴾ [الأنعام: ١].
وثانيها: اختلاف أحوال الليل والنهار، وهو المراد ههنا من قوله: ﴿يُكَوِّرُ الليل عَلَى النهار﴾ وفي هذه الجملة وجهان:
أظهرهما: أنها مستأنفة، أخبر تعالى بذلك.
والثاني: أنها حال، قاله أبو البقاء، وفيه ضعفٌ من حيث أن تكوير أحدهما على الآخر إنما كان بعد خلق السموات والأرض إلا أن يقال: هي حالٌ مقدرة، وهُو خلاف الأصل.
والتكوير: اللَّفُ واللَّيُّ يقال: كَارَ العَمَامَةَ على رأسه وكَوَّرهَا، ومعنى تكوير الليل على النهار وتكوير النهار على الليل على هذا المعنى أن الليل والنهار خلفة يذهب هذا ويغشى مكانه هذا وإذا غشي مكانه فكأنه لف عليه وألبسه كما يلق اللباس على


الصفحة التالية
Icon