أو كان العامل فرعاً وبغير اطراد من غير الموضعين. ولم يذكر أحد من النحويين هذا التفصيل. وقوله. كما عوض السين في» أسطاع «هذا على أحد القولين، والقول الآخر أنه اسْتَطَاع، فحذف تاء الاستفعال، وقوله: والدليل عليه مجيئه بغير لام قد يقال: إن أصله باللام، وإنما حذفت لأن حرف الجر يطرد حذفه مع» أَنْ «و» أَنَّ «ويكون المأمور به محذوفاً تقديره: أن أعبد لأَنْ أَكُونَ.
فصل
المراد من الكلام: أن يكون أول ن تمسك بالعبادات التي أرسلت بها. واعلم أن العبادة لها ركنان عمل القلب وعمل الجوارح وعمل القلب أشرف من عمل الجوارح وهو الإسلام فقال: ﴿وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المسلمين﴾ أي من هذه الأمة.
قوله: ﴿قُلْ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ وعبدت غيره ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ وهذا حين دعا إلى دين آبائه، والمقصود منه المبالغة في زجر الغير من المعاصي. ودلت هذه الآية على أن الأمر للوجوب لقوله في أول الآية: ﴿إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله﴾ ثم قال بعده: ﴿قُلْ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ فيكون معنى هذا العِصْيان ترك الأمر الذي تقوم ذكره، ودلت الآية أيضاً على أن المرتب على المعصية ليس حصول العقاب بل الخوف من العقاب.
قوله: ﴿قُلِ الله أَعْبُدُ﴾ قدمت الجلالة عند قوم لإفادة الاختصاص. قال الزمخشري: ولدلالته على ذلك قدم المعبود على فعل العبادة هنا وأخره في الأول فالكلام أولاً وقع في الفعل نفسه وإيجاده، وثانياً فيمن يفعل الفعل من أجله فلذلك رتب عليه قوله: ﴿فاعبدوا مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ﴾ قال ابن الخطيب: فإن قيل: ما معنى التكرير في قوله: ﴿قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين﴾ وقوله: ﴿قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي﴾ ؟ قلنا: هذا ليس بتكرير لأن الأول إخبار بأنه مأمور من جهة الله بالإيمان بالعبادة والثاني إخبار بأنّه أُمرَ أن لا يعبد أحداً غير الله، وذلك لأن قوله: ﴿أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله﴾ لا يفيد الحصر ووقوله تعالى: ﴿قُلِ الله أَعْبُدُ﴾ يفدي الحصر أي اللهَ أعبدُ ولا أعبدُ أحداً سواهُ، ويدل عليه أنه لما قال: ﴿قُلِ الله أَعْبُدُ﴾ قال بعده: {فاعبدوا مَا