الثالث: أن الظلة التحتانية وإن كانت مشابهة للظلة الفوْقَانيّة في الحرارة والإحراق والإيذاء أطلق اسم أحدهما على الآخر لأجل المماثلة والمشابهة.
قوله: ﴿ذَلِكَ﴾ مبتدأ وقوله: «الَّذِي يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ» خبر، والتقدير ذلك العذاب المعدّ للكفار هو الذي يخوف الله به عباده أي المؤمنين، لأن لفظ العباد في القرآن يختص بأهل الإيمان، وقيل: تخويف للكفار والضلال والأول أقرب لقوله بعده: ﴿ياعباد فاتقون﴾ والظاهر أن المراد منه المؤمنون.
قوله: ﴿والذين اجتنبوا الطاغوت﴾ الذين مبتدأ، والجملة من «لَهُمُ الْبُشْرَى» الخبر، وقيل: «لَهُمْ» هو الخبر نفسه، و «الْبُشْرَى» فاعل به.
وهذا أولى لأنه من باب الإخبار بالمفردات والطّاغوت قال الزمخشري: فَعَلُوتٌ من الطُّغْيَان كالمَلَكُوتِ والرَّهَبُوت إلا أن فيها قلباً بتقديم اللام على العبين لما ذكر وعيد عبدةِ الأصنام ذكر وَعْدَ من اجْتَنَبَ عبادتها واحْتَرَزَ عن أهل الشرك ليكون الوعد مقروناً بالوعيد أبداً فيحصل كمالُ الترغيب والترهيبِ.
قيل: المراد بالطاغوت هنا: الشيطان.
فإن قيل: إنما عبدوا الصنم.
فالجواب: أن الداعي إلى عبادة الصنم هو الشيطان فلما كان الشيطان هو الداعي كانت عبادة للشيطان، وقيل: المراد بالطاغوت: الصنم وسميت طَوَاغِيتَ على سبيل المجاز لأنه لا فعل لها، (والطغاة هم الذين يعبدونها إلا أنه لما حصل الطغيان بسبب عبادتها والقرب منها وُصِفت بذلك) إطلاقاً لاسم السبب على المسِّبب بحَسَبِ الظاهر.
وقيل: الطاغوت كل من يُعْبَدُ ويطاع دون الله. نقل (ذلك) في التواريخ أن الأصل في عبادة الأصنام أن القوم (كانوا) مشبهة واعتقدوا في الإله أنه نورٌ عظيم وأن الملائكة أنواع مختلفة في الصغر والكبر فوضعوا تماثيل صورها على وفق تلك الخيالات فكانوا يعبدون