الدنيا؛ لأن النعم في الدين كلها منه وقيل: احمد في الاخرة هو حمد أهل الجنة كما قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن﴾ [فاطر: ٣٤] و ﴿الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ [الزمر: ٧٤] وهو الحكيم الخبير فالحكمة هي العلم الذي يتصل به الفعل فإن من يعلم أمراً ولا يأتي بما يناسب علمه لا يقال له حكيم، والفاعل الذي فعله على وفق العلم وهو الحكيم، والخبير هو الذي يعلم عواقب الأمور وبواطنها، فقوله حكيم أي في ابتداء الخلق كما ينبغي وخبير أي بالانتهاء يعلم ما يصدر من المخلوق وما لا يصدر فهو حكيم في الابتداء خبير في الانتهاء ثم بيّن كمال خيره بقوله: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِي الأرض﴾ أي ما يدخل فيهما من الماء والأموات وما يخرج منها من النبات والأموات إذا حشروا.
قوله: «وَمَا يَنْزِلُ» العامة على «يَنْزِلُ» مفتوح اياء مخفف الزاي مسندٌ إلى ضمير «مَا» وعَليُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - والسُّلَميُّ بضمها وتشدشد الزاي أي الله تعالى. والمراد الأمطار والملائكة والقرآن. «وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا» من الكلام الطيب لقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب﴾ [فاطر: ١٠] والملائكة والأعمال الصالحة لقوله: ﴿والعمل الصالح يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠] وقدم: ﴿مَا يَلْجُ فِي الأرض﴾ على: ﴿وَمَا يَنزِلُ مِنَ السمآء﴾ ؛ لأن الحبة تُبْذَرُ أولاص ثم تسقي ثانيا. وقال: ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ ولم يقل: «مَا يَعْرُج إليها» إشارة إلى بقول الأعمال الصالحة لأن كلمة: «إلَى» للغاية فلو قال وما يعرج إليها لفم الوقوف عند السموات فقلك وما يعرد فيها ليفهم نفوذها فيها وصعودها منها ولهذا قال في الكلم الطيب: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب﴾ لأن الله هو المنتهى ولا مرتبة فوق الوصول إليه ثم قال: ﴿وَهُوَ الرحيم الغفور﴾ رحيم عند الإنزلا حيث ينزل الرزق من المساء غفور عندما يعرج إليه الأرواح والأعيان والأعمال. ثم بين أن هذه النعمة التي يستحق الله بها الحمد هي نعمة الآخرة أنكرها قَوْمٌ فقال: ﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا الساعة﴾ قوله: «بَلَى» جواب لقولهم: «لاَ تَأتينَا» وما بعدها قسمٌ على ذلك. وقرأ العامة: لتأتِيَنَّكُمْ بالتأنيث، وقرا (طَلْقٌ) بالياء فقيل: (أي) البعث. وقيل: على معنى الساعة أي اليوم. قال الزمخشري وره أبو حيان بأنه ضرورة كقوله:
٤١٠١ -...........................


الصفحة التالية
Icon