قوله: ﴿وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ﴾ أي تقول الخزنة للظالمين: ﴿ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ أي وباله.
ولما بين كيفية عقاب القاسية قلوبهم في الآخرة وبين كيفية وقوعهم في العذاب قال: ﴿كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي من قبل كفار مكة كذبوا الرسل ﴿فَأَتَاهُمُ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ يعني وهم آمنون غافلون عن العذاب أي من الجهة التي لا يخشون ولا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منا، ﴿فَأَذَاقَهُمُ الله الخزي فِي الحياة الدنيا﴾ وهو الذل والصغار والهوان ثم قال: ﴿وَلَعَذَابُ الآخرة أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ يعني أنَّ أولئك وإن نزل بهم العذاب والخزي في الدنيا فالعذاب المدخر لهم يوم القيامة أكبر وأعظم من ذلك الذي وقع بهم في الدنيا.
ولما ذكر الله تعالى هذه الفوائد الكثيرة في هذه المطالب بين أن هذه البيانات بلغت حدّ الكمال والتمام فقال: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ يتعظون، قالت المعتزلة: دلت الآية على أن أفعال الله تعالى وأحكامه معللة، ودلت أيضاً على أنه تعالى يريد الإيمان والمعرفة من الكلّ؛ لأن قوله: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ﴾ مشعِر بالتعليل، وقوله في آخر الآية: ﴿لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ مشعر بالتعليل أيضاً ومشعر بأن المراد من ضرب هذه الأمثال حصولُ التذكرة والعلم.
قوله: ﴿قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ فيه ثلاثة أوجه:
أحدهما: (أن يكون منصوباً على المدح؛ لأنه لما كان نكرةً امتنع إتباعه للقرآن.
الثاني: أن ينتصب ب «يتذكرون» أي) يتذكرون قرآناً.
الثالث: أن ينتصب على الحال من «القرآن» على أنها حال مؤكدة وتسمى حالاً موطّئة؛ لأن الحال في الحقيقة «عربياً» و «قُرْآناً» توطئه له، نحو: جاء زيد رجالاً