واضحة جعل «ظنه» بدل اشتمال من إبليس والظاهر أن الضمير في «عليهم» عائد على أهْلِ سَبَأَ و «إلاَّ فَريقاً» استثناء من فاعل «اتَّبَعُوه» «ومِنَ المُؤمِنِينَ» صفة «فَريقاً» و «مِنْ» للبَيَان لا للتبعيض لئلا يَفْسد المعنى؛ إذا يلزم أن يكون بعض من آمن اتبع إبْليسَ.

فصل


قال المفسرون: صدق عَلَيْهم أي على أهل سبأ. وقال مجاهد: على الناس كلهم إلا من أطاع الله فاتَّبعوه إلاَّ فريقاً من المؤمنين قال السدي عن ابن عباس يعني المؤمنين كلهم لأن المؤمنين لم يتبعوه في أصل الدين وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤٢] يعني المؤمنين وقيل: هو خالص في المؤمنين الذين يطيعون الله ولا يَعْصُونه. وقال ابن قتيبة: إن إبليس سأل النظرة فأنَظَرَهُ الله قال: لأغويَنَّهُمْ وَلأضِلَّنَّهُمْ لم يكن مستيقناً وقت هذه المقالة أن ما قاله فيهم يتم وإنما قال ظناً فلما اتبعوه وأطاعوه صدق عليهم ما ظنه فيهم.
قوله: ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ﴾ هذا استثناء مفرغ من العلل العامة تقديره: وما كان له عليهم (من سلطان) استيلاء لشيء من الأشياء إلا لهذا وهو تمييز المُحَقِّ من الشَّاكِّ.
قوله: «مِنْهَا» متعلق بمحذوف على معنى البيان أي أعني منها وبِسَبَبِها وقيل: «من» بمعنى «في» وقيل: هو حال من «شَكَّ» وقوله: «مَنْ يُؤْمِنُ» يجوز في «من» وجهان:
أحدهما: أنها استفهامية فتسُدّ مسدَّ معفولي العلم كذا ذكر أبو البقاء وليس بظاهر؛ لأن المعنى إلا لنُمَيِّزَ ويظهر للناس من يؤمن ممن لا يؤمن فعثر عن مقابله بقوله ﴿مِمَّنْ مِنْهَا فِي شَكِّ﴾ لأنه من نتائجه ولوازمه.


الصفحة التالية
Icon