الحاشرون لهم هم المأمورون بقوله: ﴿احشروا الذين ظَلَمُواْ﴾ [الصافات: ٢٢] وهم الملائكة، وأيضاً موافمقة لقوله: «فَهُمْ يُوزَعُونَ» وأيضاً فتقدير القراءة الأولى، أن الله تعالى قال: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ الله﴾ فكان الأولى على هذا التقدير أن يقال: ويوم نَحْشُرُ أعداءنا إلى النار. وكسر الأعرج شين «يحشِر». ثم قال: «فهم يُوزَعون» أي يساقون، ويدفعون إلى النار. وقال قتادة والسدي: يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا. أي يوقف سوابقهم حتى يصل إليهم تواليهم.
قوله تعالى: ﴿حتى إِذَا مَا جَآءُوهَا﴾ «حتى» غاية ليُحْشَرُ والمعنى حتى إذا جاءوا النار فيكون «ما» صلة. وقيل: فيها فائدة زائدة وهي تأكيد وهي تأكيد أن عند مجيئهم لا بد وأن تحصل هذه الشهادة كقوله تعالى: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ﴾ [يونس: ٥١] أي لا بد لوقت وقوعه من أن يكون وقت إيمانهم به.
فصل
في كيفية تلك الشهادة ثلاثة أقوال:
الأول: أن الله تعالى يخلق الفهم والقدرة والنطق فتشهد كما يشهد الرجل على ما يعرفه.
والثاني: أنه تعالى يخلق في تلك الأعضاء الأصوات والحروف الدالة على تلك المعاني.
الثالث: أن يظهر في تلك الأعضاء أحوال تدل على صدور تلك الأعمال من ذلك الإنسان وتلك الأمارات تسمى شهادات كما يقال: يشهد هذا العالم بتغيرات أحواله على حدوثه.