والثاني: أنه من لغى بكذا أي رمى به فتكمون «في» بمعنى الباء أي ارموا به وانبذوه.
والثاني: من الوجهين الأولين: أن يكون من «لَغَا» بالفتح أيضاً حكاه الأخفش، وكان قياسه الضم كغزا يغزو، ولكنه فتح لأجل حرف الحلق. وقرأ قتادة وأبو حيوة وأبو السمال والزعفراني وابن أبي إسحاق وعيسى بضم الغين، من لغا بالفتح يَلغُو كدَعَا يَدُعُوا، وفي الحديث: «فَقَدْ لَغَوْتَ» وهنذا موافق لقراءة غير الجمهور.

فصل


قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: يعني الغَطُوا فيه، كان بعضهم يوصي بعضاً: إذا رأيتم محمداً يقرأ فعارضوه بالرجز والشعر واللغو.
قال مجاهد: والغوا في بالمكاء والصّفير. وقال الضحاك: أكثروا الكلام فختلط عليه ما يقول؛ وقال السّدي صيحوا في وجهه. «لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ» على قراءته، وهذا جهل منهم لأنهم في الحال أقروا بأنهم مشتغلين باللغو والباطل من العمل والله تعالى ينصر محمداً بفضله ولما ذكر الله تعالى هددهم بالعذاب الشديد وقال ﴿فَلَنُذِيقَنَّ الذين كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً﴾ وهذا تهديد شديد؛ لأن لفظ الذوق إنما بذكر في القدر القليل الذي يؤتى به لأجل التجربة، ثم إنه تعالى ذكر أن ذلك الذوق عذاب شديد، فِإن كان القليل منه عذاباً شديداً فكيف يكون حال الكثير منه؟! ثم قال: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ قال أكثر العلماء: المراد بالأسوأ أي أقبح أعمالهم لأنهم أحبطوها بالكفر فضاعت أعمالهم الحسنة، ولم يبق معهم إلا الأعمال القبيحة فلا جرم لم يحصلوا إلا على السيئات.


الصفحة التالية
Icon