الكلام من الملائكة كان أخباراً بنفع عظيم مع أنه هو الخبر الاول فكان ذلك بشارة.
واعلم أن هذا الكلام يدل على أن المؤمن عند الموت وفي القبر وعند البعث (لا) يكون فازعاً من الأهوال ومن الفزع الشديد (بل يكون آمن الصدر لأن قوله: ﴿أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ﴾ يفيد نفي الخوف، والحزن على الإطلاق).
قوله تعالى: ﴿نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة﴾ وهذا في مقابلة ما ذكره في وعيد الكفار حيث قال: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ﴾ [فصلت: ٢٥]. قال السدي: تقول الملائكة نحن الحفظة الذين كنا معكم في الدنيا (ونحن أولياؤكم من الدينا) ونحن أولياؤكم في الآخرة أي لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة. ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تشتهي أَنفُسُكُمْ﴾ من الكرامات واللذات ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ أي تتمنون.
فإن قيل: هلى هذا التفسير لا فرق بين قوله: ﴿ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم﴾ و ﴿ولكم فيها ما تدعون﴾ قال ابن الخطيب: والأقرب عندي أن قوله: ﴿ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم﴾ إشار إلى الجنة الرُّحانيَّة المذكورة في قوله ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهم﴾ [يونس: ١٠] الآية.
قوله: «نُزُلاً» فيه أوجه:
أحدها: أنه منصوب على الحال من الموصول، أو من عائده، والمراد بالنزل الرزق المعدّ للنازل كأنه قيل ولكم فيهنا الذي تدعونه حال كونه معدًّا.
الثاني: أنه حال من فاعل «تَدَّعُونَ» أو من الضمير في «لَكُمْ» على أن يكون نزلاً جمع نازل كصَابِر وصُبُرٍ وشَارِفٍ وشُرُفٍ.