وَلَحَدَ إذ مال عن الاستقامة فحفر في شقِّ فالمُلحِدُ، هو المُنْنحَرِفُ، ثم اختص في العرف بالمُنْحرِفِ عن الحق إلى الباطل قال مجاهد: يلحدون في آياتنا بالمُكَاءِ والتصدية واللغو واللَّغط. وقال قتادة: يكذبون في آياتنا. قوال السدي: يعاندون ويشاقون ﴿لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ﴾ وهو كقول الملك المهيب: إنَّ الذين ينازعون في ملكي أعرفهم فإنت ذلك (لا) لا يكون تهديداً. ثم قال: ﴿أَفَمَن يلقى فِي النار خَيْرٌ أَم مَّن يأتي آمِناً يَوْمَ القيامة﴾ وهذا استفهام بمعنى التقدير، والغرض منه التنبيه على أن المُلحِدِين في الآيات يُلْقَون في النار، وأن المؤمنين بالآيات يأتون آمنين يوم القيامة. قال المفسرون: المراد حمزة، وقيلأ: عثمان، وقيل: عمار بن ياسر. ثم قال: ﴿اعملوا مَا شِئْتُمْ﴾ وهذا أمر تهديد ووعيد أيضاً، ﴿إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أي عالم بأعمالكم فيجازيكم.
قوله: ﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ﴾ في خبرها ستةُ أوجه:
أحدها: أنه مذكور، وهو قوله «أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ» وقد سئل بلال بنُ أبي بُرْدَة عن ذلك في مجسله فقال: لا أجد لها معاداً، فقال له أبو عمرو بن العلاء: إنه منك لقريب أولئك ينادون. وقد استبعد هذا من وجهين:
أحدهما: كثرة الفواصل.
والثاني: تقدم من يصح الإشارة إليه بقوله: «أُولَئِكَ» وهو قوله: «وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ» واسم الإشارة يعود على أقرب مذكور.
الثاني: أنه محذوف لفهم المعنى فقدر: مُعَذَّبُونَ، أو مُهْلَكُونَ، أو مُعَانِدُونَ. وقال الكسائي: سد مسده ما تقدم من الكلام قبل «إنَّ» وهو قوله {أَفَمَن


الصفحة التالية
Icon