فلهذا قال: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً﴾ هذه الآية دلت على أنه تعالى عالم بجميع المعلومات التي لا نهاية لها من الكليات والجزئيات.
قوله: ﴿فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ واتبعوا سَبِيلَكَ﴾ دينك ﴿وَقِهِمْ عَذَابَ الجحيم﴾.
فإن قيل: لا معنى للغُفْران إلا إسقاط العذاب وعلى هذا فلا فرق بين قوله «فاغْفِرْ لَهُمْ» وبين قوله ﴿وَقِهِمْ عَذَابَ الجحيم﴾.
فالجواب: قولهم: فاغفر فيه رمز وإشارة لإسقاط العذاب، فلهذا أردفوه بذكره على سبيل التصريح تأكيداً ومبالغة.
واعلم أنهم لما طلوا من الله إزالة العذاب (عنهم) أردفوه بطلب إيصال الثواب إليهم فقالوا: ﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدْتَّهُمْ﴾.
فإن قيل: أنتم زعمتم أن الشفاعة إنما جعلت للمذنبين وهو الآية تُبْطِلُ ذَلِك، لأنه تعالى ما وعد المذنبين بأن يدخلهم جنات عَدْن.
فالجواب: (لا نسلم أنه) ما وَعَدَهُمْ بذلك، لأن الدلائل الكثيرة دلت على أنه لا يخلد أهل «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» في النار، وإذا أخرجهم من النار وجب أن يدخلهم الجنة فكان هذا وعد من الله بأن يدخلهم جنات عدن إما من غير دخول النار، وإما بعد أن يدخلهم النار.
قوله: «وَمَنْ صَلَحَ» في محل نصب إما عطفاً على مفعول «أَدْخِلْهُمْ» وإما على مفعول «وَعَدتَهُمْ» وقال الفراءُ والزجاج نصبه من مكانين إن شئت على الضمير في «أَدْخِلْهُمْ: وإن شئت على الضمير في» وَعَدتَهُمْ «. والعامة على فتح لام» صَلَحَ «يقال: صَلَحَ فهو صَالِحٌ، وابنُ أبي عبلة بضمها، يقال: صَلُحَ فَهُو صَلِيحٌ. والعامة على» ذرِّيّاتهم «جمعاً، وعيسى» ذُرِّيَّتهم «إفراداً. والمراد بقوله ومن صلح من أهل الإيمان.
ثم قالوا ﴿إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم﴾. وإنما ذكروا في دعائهم هذين الوصفين، لأنه لو لم يكن عزيزاً بل كان بحيث يغلب ويمنع لما صح وقوع المطلوب منه ولو لم يكن


الصفحة التالية
Icon