الأول: أنه عام مخصوص بآية المؤمن كما تقدم.
الثاني: أن قوله ﴿لِمَن فِي الأرض﴾ لا يفيد العموم؛ لأنه (لا) يصح أن يقال: إنهم استغفروا لكل من في الأرض وأن يقال: إنهم استغفروا لبعض من في الأرض دون البعض ولو كان صريحاً في العموم لما صحَّ ذلك.
الثالث: يجوم أن يكون المراد من الاستغفار أنه لا يُعاجلهم بالعقاب، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ﴾ [فاطر: ٤١] إلى أن قال: ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ [فاطر: ٤١].
الرابع: يجوز أن يقال: إنهم يستغفرون لكل من في الأرض، أما في حق الكفار فبطلب الإيمان لهم وأما في حق المؤمنين فبالتجاوز عن سيئاتهم فإنا نقول: اللهم أهدش الكفار، وزيِّن قلوبهم بنور الإيمان وأَزِل عن خواطرهم وحشة الكُفْرِ، وهذا استغفار لهم في الحقيقة.
فصل
قال ابن الخطيب: قوله: «ويستغفرون لمن في الأرض» يدل على أنهم لا يستغفرون لأنفسهم ولو وجد منهم معصية لا ستغفروا لأنفسهم قبل استغفارهم لمن في الأرض، فحيث لم يذكر الله عزَّ وجلَّ استغفارهم لأنفسهم علمنا أنهم مُبرَّأُون عن كل الذنوب والأنبياء عليهم الصلاة والسلام لهم ذنوب، والذين لا ذنب لهم ألبتة أفضل ممن له ذنب، وأيضاً فقثوله: «ويستغفرون لمن في الأرض» يدعل على أنهم يستغفرون للأنبياء عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ لأنهم من جملة مَنْ في الأرض، وإذال كانوا مستغفرين للأنبياء عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ كان الظاهر أنهم أفضل منهم. ثم قال تعالى: ﴿أَلاَ إِنَّ الله هُوَ الغفور الرحيم﴾ وهذا تنبيه على أن الملائكة وإن كانوا يستغفرون للبشر، إلا أن المغفرة المُطْلَقة لله تعالى وهذا يدل على أنه تعالى يعطي المغفرة التي طلبوها ويضم إليها الرحمة.
قوله: ﴿والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ﴾ أي جعلوا له شركاء وأنداداً الله حفيظٌ عليهم أي رقيب عليهم ويحفظ أعمالهم، وأقوالهم ويُحصيها ليجازيهم بها، ﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم﴾ يا محمد «بِوَكِيل» أي لم يوكلك بهم ولا أمرهمه إليك إنَّما أنت مُنذرٌ.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ في قرآناً وجهان:
أظهرهما: أنه مفعول أوحَيْنَا، والكاف للمصدر نعتاً أو حالاً.