فهو مذهب كوفي ق به. أو لأن الظَّرْفَ يُتَّسَحُ فيه ما لا يُتَّسَعُ في غيره، وأيُّ غموض في هذا محتى يُنْحي عليه هذا الإنحاء؟ ولله درّ القائل:

٤٣٢١ - حَسَدُوا الفَتَى إذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ فالقَوْمُ أعْتدَاءٌ لَهُ وَخُصُومُ
كَضَرَائِرِ الحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا كَذِباً وَزُوراً إنَّهُ لَذَمِيمُ
وهذا الرد سبقه إليه أبو البقاء فقال: ولا يجوز أن يعمل فيه مقت الله؛ لأنه مصدر أخبر عنه وهو قوله «أَكْبَرُ» فمن ثم أخذه أبو حيان، ولا يجوز أن ينتصب بالمقت الثاني لأنهم لم يمقتوا أنفسهم وقت دعائهم إلى الإيمان إنما مَقتُوهَا يَوْمَ القيامة. والظاهر أن «مقت الله» واقع في الدنيا كما تقدم في تفسير الآية. وجوز الحسن أن يكون في الآخرة وضعفه أبو حيان بأنه يبقى «إذْ تُدْعَوْنَ» مفلّتاً من الكلام لكونه ليس له عامل مقدم فلا يفسر قائلاً فإذا كان المقت في الدنيا أمكن أن يضمر له عامل تقديره (مقتكم). قال شهاب الدين: وهذا التجري على مثل الحسن يهون عليك تَجَرِّيه على الزمخشري ونحوه.
واللام في «لَمَقْتُ» لام اتبداء، أو قسم، ومفعوله محذوف أي لمقت الله إياكم أو أنفسكم فهو مصدر مضاف لفاعله كالثاني. ولا يجوز أن تكون المسألة من باب التنازع في «أنفسكم» بين المقتين؛ لئلا يلزم الفصل بالخبر بين المقت الأول ومعموله على تقدير إعماله.
لكن قد اختلف النحاة في مسألة وهي التنازع في فِعْلَي التعجب فمن منع اعتل بما ذكرته لأنه لا يُفْصَلُ بين فعل التعجب ومعموله، ومن جوز فقال: يلتزم (إعمال) الثاني حتى لا يلزم الفصل فليكن هذا منه، والحق عدم الجواز فإنَّه على خلاف قاعدة التنازع.


الصفحة التالية
Icon