جعل هذه الأحجار المنحوتة والخشب المصور شركاء لله تعالى في المعبودية، ثم قال ﴿وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السمآء رِزْقاً﴾ يعني المطر الذي هو سبب الأرزاق. وقرأ ابن كثير وأبو عمرٍ «ينزل» خفيفة والباقون بالتشديد.
واعلم أن أهم المُهّمات رعايةُ مصالح الأديان ومصالح الأبدان، فالله تالى يراعي مصالح أديان العباد بإظهار البَيِّنات والآيات وراعى مصالح العباد بأبدانهم بإنزال الرزق من السماء فموقع الآيات من الأديان كموقع الأرزاق من الأبدان وعند حصولها يحصل الإنعام الكامل.
ثم قال: ﴿وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ﴾ أي ما يتعظ بهذه الآيات إلا من يرجع إلى الله في جميع أموره فيعرض عن غير الله ويقبل الكليّة على الله تعالى ولهذا قال ﴿فادعوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين﴾ عن الشرك وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ.
قوله تعالى: «رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ» فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون مبتدأ والخبر «ذو العرش» و «يُلْقِي الروح» يجوز أن يكون خبراً ثانياً، وأن يكون حالاً، ويجوز أن يكونَ الثلاثة أخباراً لمبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون الثلاثة أخباراً لقوله ﴿هُوَ الذي يُرِيكُمْ﴾ قال الزمخشري: ثلاثة أخبار يجوز أن تكون مترتبة على قوله ﴿هو الذي يريكم﴾ أو أخبار مبتدأ محذوف وهي مختلفة تعريفاً وتنكيراً، قال شهاب الدِّين: أما الأول ففيه طول الفصل وتعدد الأخبار، وليست في معنى خبر واحد، (وأما الثاني ففيه تعدد الأخبار وليس في معنى واحد) وهي مسألة خلاف ولا يجوز أن كيون «ذُو العَرْشِ» صفة «لِرَفيعِ الدرجات» إن جعلناه صفة مشهبة، أما إذا جعلناه مثال مبالغة أي يرفع درجات المؤمنين فيجوز ذلك على أن يجعل إضافته محضة، وكذلك عند من يُجَوِّزُ تَمَحُّضَ إضافة الصفة المشبهة أيضاً. وقد تقدم، وقرىء «رَفِيعَ» بالنصب على المدح.
فصل
لما ذرك من صفات كبريائه كونه مظهراً للآيات منزلاً للأرزاق ذكر في هذه الآية