وتقدم هذا مُسْتَوْفًى في آخر المائدة.
وكتبوا «يَوْمَ» هنا وفي الذاريات منفصلاً، وهو الأصل.
قوله: ﴿لاَ يخفى عَلَى الله﴾ يجوز أن تكون مستأنفة، وأن تكون حالاً من ضمير «بَارِزُونَ»، وأن تكومن خبراً ثانياً.
فصل
قال بعض المفسرين: يوم التلاق هو يوم يلتقي أهلُ السماء وأهل الأرض. وقال قتادة ومقاتل: يلتقي الخلق والخالق. وقال بن زيد: يتلاقى العباد. وقال مَيْمُونُ بْنُ مَهْرَانَ: يلتقي الظالم والمظلوم، وقيل: يلتقي العابد والمعبود، وقيل: يلتقي فيه المرء مع عمله، وقيل: يلتقي الأرواح مع الأجساد، بعد مفارقتها إياها يوم هم بارزون، كناية عن ظهور أعمالهم وانكشاف أسرارهم كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تبلى السرآئر﴾ [الطارق: ٩].
﴿لا يخفى على الله منهم﴾ أي من أحوالهم شيء ويقول الله سبحانه بعد فناء الخلق «لمن الملك اليوم» فلا يجيبه أحد فيتجيب نفسه فيقول ﴿لِلَّهِ الواحد القهار﴾ الذي قهر الخلق بالموت.
فإن قيل: الله تعالى لا يخفى عليه شيء منهم في جميع الأيام فما معنى تقييد هذا العلم بذلك اليوم؟.
فالجواب: أنهم كانوا يتوهمون في الدنيا أنهم إذا استتروا بالحِيطَان والحُجُب أن الله لا يراهم ويخفى عليه أعمالهم فهم في ذلك اليوم صائرون من البروز والانكشاف إلى حالة لا يتوهمون فيها مثل ما يتوهمونه في الدنيا، كما قال تعالى: ﴿ولكن ظَنَنتُمْ أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾
[فصلت: ٢٢]، وقال تعالى: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ الناس وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٨] وهو معنى قوله: ﴿وَبَرَزُواْ للَّهِ الواحد الْقَهَّارِ﴾ [إبراهيم: ٤٨].
فصل
قال المفسرون: إذا هلك كل من في السموات ومن في الأرض فيقول الرب تعالى: لِمن الملك اليوم؟ يعني يوم القيامة، فلا يجيبه أحد، فهو تعالى يجيب نفسه فيقول: لله الواحد القهار، قال ابن الخطيب: قال أهل الأصول هذا القول ضعيف من وجوه: