ثم قال: ﴿وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا﴾ أي قرينتها وصاحبتها التي كانت قبلها وَأَخَذْنَاهُمْ بالعَذَابِ أي بالسنين والطوفان، والجراد والقمل والضفادع والدم والطَّمس، فكانت هذه دَلالات لموسى وعذاباً، وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ عن الكفر إلى الإيمان.
قالت المعتزلة: هذا يدل على أنه تعالى يريد الإيمان من الكل فإنه إنما أظهر تلك المعجزات القاهرة لإرادة أن يرجعوا عن الكفر إلى الإيمان.
قوله: ﴿وَقَالُواْ يا أيها الساحر﴾ تقدم الكلام فيه في النور، والمعنى أنهم لما عاينوا العذاب قالوا لموسى أيها السَّاحرُ، أي يا أيها الكامل الحاذق، وإنما قالوا هذا توقيارً وتعظيماً؛ لأن السحر عندهم كان علماً عظيماً، وصفةً محمودةً.
وقيل: معناه» يا أيها الذين عَلَبَنَا بسحره «. وقال الزجاج: خاطبوه به لما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر.
فإن قيل: كيف سَمَّوهُ بالساحر مع قولهم: إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ؟!.
فالجواب من وجوه:
الاول: أنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحراً، لأنهم يستعظمون السحر وكما يقال في زماننا في العمل العجيب الكامل: إنه أتى بالسحر.
والثاني: أيُّهَا السَّاحِر في زعم الناس، ومتعارف قوم فرعون، كقوله: ﴿وَقَالُواْ يا أيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦] أي نزل عليه الذكر في اعتقاده وزعمه.
الثالث: أن قولهم: ﴿إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ﴾ وقد كانتوا عازمين على خلافه، ألا ترى إلى قوله ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ العذاب إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ فتسميتهم إياه بالساحر لا ينافي قوله: ﴿إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ﴾.
قوله: ﴿ادع لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ﴾ أي بما أخبرنا عن عهده إليك إن آمنا كشف عنا العذاب فاسأله يكشف عنا إننا لمهتدون مؤمنون فدعا موسى فكشف عنهم، فلم يؤمنوا فلذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ العذاب إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ أي نكثوا ذلك العهد، يعني يَنْقُضُونَ عَهدَهُمْ ويُصرون على كفرهم.
قوله تعالى: ﴿ونادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ﴾ لما ذكر معاملة قوم فرعون مع موسى ذلك أيضاً معاملة فرعون معه. فقال ﴿ونادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ﴾ أي أظهر هذا القول. {قَالَ يا