وقيل: بل هي جمع أَسْوِرَة فهي جمع الجمع. وقر أبي والأعمش وتروى عن أبي عمرو أَسَاوِرُ دون تاء. وروي عن أبي أيضاً وعبد الله: أَسَاوِير. وقرأ الضحاك: أَلْقَى مبنياً للفاعل، أي الله تعالى وَأَسَاوِرَةً نصباً على المفعولية و «مِنْ ذَهَبٍ» صفة لأساورة. ويجوز أن تكون «من» الداخلة على التمييز.
فصل
ومعنى الكلام أن عادتهم جرت بأنهم إذا جعلوا واحداً منهم رئيساً لهم سوّره بسوار من ذهب وطَوَّقُوه بطَوْق من ذهب، فطلب فرعون من موسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ مثل عادتهم، وحاصل الكلام أن فرعون كان يقول: أنا أكثر منه مالاً وجاهاً فوجب أن أكون أفضل منه فيمتنع كونه رسولاً من عند الله لأن منصب النوبة يقتضي المَخْدُوميَّةَ، والأخسَ لا يكون مخدوماً للأشرف ثم قال: ﴿أَوْ جَآءَ مَعَهُ الملائكة مُقْتَرِنِينَ﴾ متتابعين يعاون بعضهم بعضاً يشهدون له بصدقه ويُعِينُونَهُ على أمره ويجوز أن يكون المراد مقترنين به من قولك: قَرَنْتُهُ بِِهِ.
قوله تعالى: ﴿فاستخف قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ أي وجدهم جُهَّالاً فحملهم على الخفة والجهل، يقال: استخفه عن رأيه، إذا حمله على الجهل وأزاله عن الصوةاب «فَأَطَاعُوهُ» على تكذيب موسى، ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ﴾ حين أطاعوا ذلك الفاسق الجاهل.
قول: ﴿فَلَمَّآ آسَفُونَا﴾ أغضبونا حُكي أن ابن جُرَيْج غضب في شيء فقيل له: أتغضب يا أبا خالد؟ فقال فقد غضب الذين خلق الأحلام إن الله تعالى يقول: ﴿فَلَمَّآ آسَفُونَا﴾ أي أغضبونا ﴿انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين﴾ واعلم أن ذرك لفظ الأسف في حق الله تعالى، وذكر لفظ الانتقام كل واجد منهما من المتشابهات التي يجب تأويلها فمعنى الغضب في حق الله تعالى إرادة الغضب ومعنى الانتقام أرادة العقاب بجُرم سابق.