قوله: ﴿مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس﴾ قرأ نافع وابن عامر وحفص تَشْتَهِيهِ بإثبات العائد على الموصول، كقوله: ك ﴿الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان﴾ [البقرة: ٢٧٥]. والباقون بحذفه كقوله: ﴿أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولاً﴾ [الفرقان: ٤١]. وهذه القراءة شبيهة بقوله: ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ﴾ [يس: ٣٥]. وقد تقدم يسَ. وهذه الهاء في هذه السورة رسمت في مصاحف المدينة والشام وحذفت من غيرها.
وقد وقع لأبي عبد الله الفاسي شارح القصيدة وَهَم فسبق قلمه فكتب والهاء منه محذوفة في مصاحف المدينة والشام ثابتة في غيرهما أراد أن يكتب ثابتة في مصاحف المدينة والشام محذوفة من غيرهما فعكس. وفي مصحف عبد الله: تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّهُ الأعيُنُ بالهاء فيِهِمَا.
فصل
روي أن رجلاً قال يا رسول الله (هل) في الجنَّة خَيْلٌ؟ فإني أُحب الخيل فقال: إن يُدْخِلْكَ الله الجنة فلا تشاء أن يركبك فرساً من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت إلا فَعَلْتَ. فقال أعرابي يا رسول الله: أفي الجنة إبل؟ فإني أحب الإبل فقال يا أعرابي: إنْ أَدْخَلَك الله الجنَّة أَصَبْتَ فيها ما اشتهيت نفسك ولَذَّتْ عَيْنُك.
قوله (تعالى) ﴿وَتِلْكَ الجنة التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ قد تقدم الكلام في معنى وراثة الجنة عند قوله: ﴿أولئك هُمُ الوارثون الذين يَرِثُونَ الفردوس﴾ [المؤمنون: ١٠١١] ولما ذكر الطعام والشراب ذكر الفاكهة فقال: ﴿لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ جاء في الحديث: «لاَ يَنْزعُ رَجُلٌ من الجَنَّةِ من ثَمَرةٍ إلاَّ نَبَتَتْ مكانَها مِثْلاَها».
واعلم أنه تعالى لما بعث محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أولاً إلى العرب ثم إلى العالمين، كانت العرب في ضيق شديد بسبب المأكول، والمشروب والفاكهة، فَلِهذا ذكر الله تعالى هذه المعاني