أي لا شفيع فلا طاعة، أو ثم شفيع ولكن لا يطاع.
فصل
احتجت المتعزلة بهذه الآية في نفي الشفاعة عن المذنبين فقالوا نفى حصول شفيع لهم يطاع فوجب أن لا يحصل لهم هذا الشفيع وأجيبوا بوجوه:
الأول: أنه تعالى نفى أن يحصل لهم شفيع يطاع وهذا لا يدل على نفي الشفيع، كقولك: ما عندي كتاب يباع فيقتضي نفي كتاب يباع ولا يقتضي نفي الكتاب، قال الشاعر:
٤٣٢٨ -............................ وَلاَ تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرْ
أو لفظ الطاعة بمعنى حصول المرتبة فهذا يدل على أنه ليس لهم يوم القيامة شفيع يطيعه الله، لأن ليس في الوجود أحد أعلى حالاً من الله سبحانه وتعالى حتى يقال: إن الله تعالى يطيعه.
والثاني: أن المراد بالظالمين ههنا: الكفار، لأن هذه الآية وردت في زجر الكفار وقال تعالى:
﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣].
الثالث: أن لفظ الظالمين إما أن يفيد الاستغراق أو لا يفيد الاستغراق فإن كان المراد من الظالمين مجموعهم فيدخل في هذا المجموع هم الكفار وليس لهم شفيعٌ فحنيئذ لا يكون لهذا المجموع شفيع، وإن لم يفد الاستغراقَ كان المراد من الظالمين بعضَ الموصوفين بهذه الصفة وعندنا أن بعض الموصوفين بهذه الصفة ليس لهم شفيعٌ وهم الكفار.
وأجاب (بعض] المعتزلة عن الأول فقالوا: يجب حمل كلام الله تعالى على محملٍ مفيد وكل أحد يعلم أنه ليس في الوجود شيء يطيعه الله لأن المطيع أدون حالاً من المطاع وليس في الوجود أعلى درجة من الله حتى يقال: إن الله يطيعه، وإذا كان هذا المعنى معلوماً بالضرورة كان حمل الآية عليه إخراجاً لها عن الفائدة، فوجب حمل الطاعة على الإجابة ويدل على أن لفظ الطاعة بمعنى الإجابة قولُ الشاعر:
٤٣٢٩ - رُبَّ مَنْ أَنْضَجْتُ غَيْظاً صَدْرَهُ | قَدْ تَمَنَّى لِيَ موتاً لَمْ يُطَعْ |