وعيد الله في ذلك اليوم. ويجوز أن يكن «يوم» هو المفعول المرتقب.
فصل
اختلفوا في هذا الدخان، فروى الضحاك عن مسروق قال: بينما رجل يُحَدِّث في كِنْدَةَ فقال يجيء دُخَانٌ يوم القيامة فيِأخذ بأسماعهم وأبصارهم ويأخذ المؤمن كهيئة الزكام، ففزعنا فأتينا ابن مسعود، وكان متكئاً فعضب فجلس فقال: من علم فليقل ومن لم يعلم فيلقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم، فإن الله تعالى قال لنبيه: ﴿قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين﴾ [ص: ٨٦].
«وإن قريشاً لما اسْتَعْصَتْ عن الإسلام، فدعا عليهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: اللَّهم أعِنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف، فأخذتهم سنة حتى هَلَكُو فيها، وأكلوا الميتة، والعظامَ، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان، فجاءه أبو سفيان فقال يا محمد: جئت كافراً بصلة الرحم، وإن قومك قَدْ هلكوا، فادعُ الله فقرأ: ﴿فارتقب يَوْمَ تَأْتِي السمآء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ﴾ إلى قوله» عَابِدُونَ «» وهذا قول ابن عباس ومقاتل ومجاهد واختيار الفراءِ والزجاجِ وهو قول ابن مسعود، وكان ينكر أن يكون الدخان إلا الذي أصابهم من شدة الجوع كالظُّلْمَةِ على أبصارهم حتى كانوا كأنهم يرون دُخَاناً. وذكر ابن قتيبة في تفسير الدخان في هذه الحالة وجهين:
الأول: أن في سَنَةِ القحط لعِظَم يُبْسِ الأرض بسبب انْقِطَاع المطر يرتفع الغبارُ الكثيرُ، ويُظْلم الهواء وذلك يشبه الدخان، ويقولون: كان بيننا أمر ارتفع له دخان ولهذا يقال للسنة المُجْدِبة الغبراء.
الثاني: أن العرب يسمون الشيء الغالب بالدخان، والسبب فيه أن الإنسان إذا اشتد خوفه أو ضعفه أظلمت عيناه، ويرى الدنيا كالمملوءة من الدخان. وقيل: إنه دخان يظهر في العالم وهو إحدى علامات القيامة، وهذا منقول عن علي بن أبي طالب، وعن ابن عباس في المشهور عنه لما روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: «أَوَّل الآيَاتِ الدُّخَانُ، ونزولُ عيِسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ونارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَن تَسُوق النَّاسَ إلى المَحْشَرِ. قال