قوله: «إلاَّ المَوْتَة الأُوْلَى» فيه أوجه:
أحدها: أنه استثناء منقطع، أي لكن المَوْتَةَ الأُولى، قَدْ ذَاقُوهَا.
الثاني: أنه متصل، وتأولوه بأن المؤمن عند موته في الدنيا يُرَى منزلته في الجنة لمعاينة ما يُعْطَاه منها أولما يتيقنه من نعيمها.
الثالث: أن «إلاَّ» بمعنى سوى. نقله الطبري وضَعَّفَهُ.
قال ابن عطية: وليس تضعيفه بصحيح، بل هو كونها بمعنى سوى مستقيم منتسق.
الرابع: أن «إلاّ» بمعنى «بَعْدَ»، واختاره الطبري. وأباهُ الجمهور، لأن إلاَّ بمعنى بَعْدَ لم يَثْبتُ.
وقال الزمخشري: فَإِن قلتَ: كيف استثنيت الموتةَ الأولى المَذُوقَةَ قبل دخول الجنة من الموت المنفي ذوقه منها؟
قُلْتُ: أريدَ أن يُقَالَ: لا يذقون فيها الموت البتة، فوضع قوله: ﴿إِلاَّ الموتة الأولى﴾ موضع «ذَلِكَ»، لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذَوْقُهَا في المستقبل؛ فإنهم يذُوقُونَها في الجنَّة.
قالال شهاب الدين: وهذا عند علماء البيان يسمى نَفي الشيء بدليله ومثله قولن النَّابغة:

٤٤٣٢ - وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتائِبِ
يعني إن كان أحد يعند فُلُول السيوف من قراع الكتائب عيباً، فهذا عيبهم لكن


الصفحة التالية
Icon