والثاني: أن تكون كررت توكيداً «لآيَات» الأُوْلَى، ويكون «في خلقكم» معطوفاً على «السَّموَات» كرر معه حرف الجر توكيداً. ونظيره أن تقول: إنَّ في بَيِْتِكَ زَيْداً وفي السّوقِ زَيْداً فزيد الثاني توكيد للأول كأنك قلت: إنَّ زَيْداً زَيْداً فِي بَيْتِكَ وفِي السُّوق.
وليس في هذا عطف على معمولي عاملين البتة وقد وهم أبو البقاء فجعلها من ذلك فقال: آيات لقوم يوقنون بكسر الثانية وفيه وجهان:
أحدهما: أن «إن» مضمرة حذفت لدلالة «إن» الأولى عليها، وليست «آيات» معطوفة على آيات الأولى، لما فيه من العطف على معمولي عاملين.
والثاني: أن تكمون كررت للتأكيد، لأنها من لفظ «آيات» الأولى، وإعرابها كإعرابها كقولك: إنَّ بِثَوْبِكَ دَماً وَبِثَوْبِ زَيْدٍ دماً، فَدَم الثاني مكرر، لأنك مستغنٍ عن ذكره انتهى.
فقوله: وليست معطوفة على «آيات» الأولى لما فيه من العطف على معمولي عاملين وهمٌ أين معمول العامل الآخر؟ وكأنه توهم أن «في» ساقطة من قوله: ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾ أو اختلطت عليه ﴿آيات لقوم يعقلون﴾ بهذه، لأن تِيكَ فيها ما يوهم العطف على عاملين. وقد ذكره هو أيضاً. وأما الرفع فمن وجهين أيضاً:
أحدهما: أن يكون «فِي خَلْقِكُمْ» خبراً مقدماً، و «آياتٌ» مبتدأ مؤخراً، وهي جملة معطوفة على جملة مؤكدة بإِن.
والثاني: أن تكون معطوفة على «آيات» الأولى اعتباراً بالمحل عند من يجيز ذلك، لا سيما عند من يقول: إنه يجوز ذلك بعد الخبر بإجماعل. وأما قوله: ﴿واختلاف الليل والنهار﴾ فقد تقدم أنَّ الأخوين يقرآن آياتٍ بالكسر وهي تحتاج إلى إيضاح، فإن الناس تكلموا فيها كثيراً وخرّجوها على أوجه مختلفة، وبها استدل على