قوله: «أفَرَأْيت» بمعنى أخبرني وتقدم حكمها مشروحاً، المفعول الأوّل من اتخذ والثاني محذوف، تقديره: بعد غشاوة أيهتدي؟ ودل عليه قوله: ِ «فَمَنْ يَهْدِيهِ».
وإنما قدرت بعد غشاوة، لأجل صلا ت الموصول. واعلم أنه تعالى عاد إلى شرح أحوال الكفار، وقبائح طرائقهم فقال: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ﴾ قال ابن عباس والحسن وقتادة: وذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه، فلا يهوى شيئاً إلا ركبه، لأنه لا يؤمن بالله ولا يخافه.
وقرىء «آلِهَتَهُ» هواه، لأنه كلما مال طبعه إلى شيء اتبعه والمعنى اتخذ معبوده هواه، فيعبد ما تهواه نفسه. قال سعيد بن جبير: كانت العرب يعبدون الحجارة والذهب والفضة فإذا وجدوا شيئاً أحسن من الأول رَموه وكسروه وعبدوا الآخر. قال الشعبي: إنما سمي الهوى لأنه يَهوِي بصاحبه في النار. قوله: «عَلَى عِلْمٍ» حال من الجلالة أي كَائِناً عَلَى عِلْمٍ منه يعاقبة أمره أنه أهل لذلك.
وقيل: حال من المفعول، أي أضله وهو عالم، وهذا أشنع لَهُ. وقرأ الأَعرجُ: آلِهَةً على الجمع، وعنه كذلك مضافة لضميره آلهته هواه.
قوله: ﴿وختم على سمعه وقلبه﴾ يسمع الهوى وقلبه لم يعقل الهدى وهو المراد من قوله: ﴿خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ [البقرة: ٧] وقد تقدم.
قوله: «غشاوة» قرأ الأخوان غَشْوَةً بفتح الغين، وسكون الشين. والأعمش وابن مِصْرف كذلك إلا أنهما كسرا الغين. وباقي السبعة غِشاوة بكسر الغين. وابن