قوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ حكم «أرأيتم». ووقع بعد هذه «أََرُونِي» فاحتلمت وجين:
أحدهما: أن تكون توكيداً لها، ولأنهما بمعنى أخبروني، وعلى هذا يكون المفعول الثاني (لأَرَأَيْتُمْ) قوله «مَاذَا خَلَقُوا» إلا أنه استفهام، والمفعول الأول هو قوله: «مَا تَدْعُونَ».
الوجه الثاني: أن لا تكون مؤكدة لها وعلى هذا تكون المسألة من باب التنازع، لأن «أَرأَيْتُمْ) يطلب ثانياً و» أروني «كذلك، وقوله:» مَاذَا خَلَقُوا: هو المُتَنَازَعُ فيه، وتكون المسألة من إعمال الثاني، والحذف من الأول.
وجوز ابن عطية في «أَرأَيْتُم» أن لا يتعدى، وجعل «مَا تَدْعُونَ» استفهاماً معناه التوبيخ. وقال: «وتدعون» معناه تبعدون. وهذا رأي الأخفش، وقد قال بذلك في قوله: ﴿َأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصخرة﴾ [الكهف: ٦٣] وقد تقدم.
قوله: «مِن الأَرْضِ» هذا بيان للإبهام الذين في قوله: «مَاذَا خَلَقُوا».
قوله: «أَمْ لَهُمْ» هذه «أم» المنقطعة، والشِّرْكُ المُشَارَكَةُ، وقوله: «مِنْ قَبْلِ هَذَا» صفة لِكِتَابٍ أي بكتاب منزل من قبلِ هذا، كذا قدرها أبو البقاء، والأحسن أن يقدر كون مطلق أي كائن من قبل هذا.
قوله: «أَوْ أَثَارةٍ» العامة على أَثارة، وهي مصدر على فَعَالةٍ، كالسَّمَاحَةِ، والغَوايَةِ والظَّلاَلَةِ ومعناها البقية من قولهم: سمنت الناقة على أثارةٍ من لَحْم إذَا كانت سَمِينةً، ثم هزِلَتُ، وبقي بقية من شَحْمِهَا ثم سمنت. والأثارة غلب استعمالها في بقية الشرف، يقال: لِفُلانٍ أثارةٌ أي بقية شرف، وتستعمل في غير ذلك قال الراعي:

٤٤٤٩ - وََذَاتِ أَثَارَةٍ أَكَلَت عَلَيْهَا نَبَاتاً في أكَِمَّتِهِ قَفَاراً
وقيل: اشتقاقها من أثر كذا أي أسْنَدَهُ. ومنه قوله عمر: «ما خَلَّفْت به ذَاكِراً وَلاَ


الصفحة التالية
Icon