أنه نَزَّالُ أمكنةٍ أي كثيرُ المنزول في أماكن لا يرضاها إلا أن يربط نفسه الحِمام وهو الموت، وقال اللَّيْثُ: بعض ههنا صلة يُريد يصبكم الذي يعدكم. لما حكى الزمخشري قول أبي عبيدة أن «بعض» بمعنى «الكل» وأنشد عنه بيت لبيد قال: إن صحت الرواية عنه فقد حق فيه قولُ المَازِنِيِّ في مسألة العَلْقَى: كان أجْفَى من أن يفقه ما أقول له. قال شهاب الدين: ومسألة المازني معه: هي أن أبا عبيدة قال للمازني: ما أكذب النحويين يقولون هاء التأنيث لا تدخل على ألف التأنيث، فإن الألف في عَلْقَى ملحقة، قال: فقلت له وما أنكرت من ذلك؟ فقال: سمعت رؤبة يُنْشِدُ:
٤٣٣٦ - يَنْحَطُّ فِي عَلْقَى....................................................
فمل ينونهنا، فقلت: ما واحد علقى؟ قال: عَلْقَاة، قال المازني: فأَسِفْتُ ولم أفسر له لأنه كان أغلظمن أن يفهم مثل هذا. قال شهاب الدين: وإنما استغلظه المازني؛ لأن الألف التي للإلحاق قد تدخل عليها تاء التأنيث (دالة على الوحدة فيقال: أَرْطَى، وأَرْطَامة، وإنما الممتنع دخولها على ألف التأنيث) نحو: دَعْوَى، وصَرْعَى.
وأما عدم تنوين «علقى» فلأنه سمَّى بها شيئاً بعينه، وألف الإلحاق المقصورة حال العلمية تجري مجرى تاء التأنيث فيمتنع الاسم الذي هو فيه كما يمتنع فاطمةُ وينصرفُ قَائِمة.
قوله: ﴿إِنَّ الله لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ وفيه احتمالان:
الأول: أن هذا إشارة إلى الرمز والتعريض بعلو شأن موسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ والمعنى أن الله تعالى هدى موسى إلى الإتيان بالمعجزات الباهرة، ومن هداه إلى الإتيان بالمعجزات لا يكون مسرفاً كذَّاباً فدل على أن موسى لي من الكذابينَ.
الاحتمال الثاني: أن يكون المراد أن فرعون مسرفٌ في عزمه على قتل موسى كذابٌ في ادعائه الإلَهيَّة وةالله لا يهدي من هذا شأنه وصفته بل يُبْطِلُهُ ويَهْدِمُ ِأمره.