قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ يعنى الكفار منهم من يستمع إليك يعني المنافقون يستمعون إليك فلا يسمعونه، ولا يَفْهَمُونَه تهاوناً. والضمير في قوله: «وَمِنْهُمْ» يحتمل أن يرجع إلى معنى قوله: ﴿هُوَ خَالِدٌ فِي النار وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً﴾ يعنى ومن الخالدين في النار قوم يستمعون إليك.
قوله
﴿حتى
إِذَا
خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ﴾ قال المفسرون: حَتَّى للعطف. قالوا: والعطف بحتى لا يحسُنُ إلا إذا كان المعطوف جُزْءاً من المعطوف عَلَيْهِ إمَّا أعلاه وإما أدونه، كقولك: أَكْرَمَنِي النَّاسُ حَتَّى المَلِكُ وجاء الحُجَّاجُ حَتَى المُشَاةُ. وفي الجملة ينبغي أن يكون المعطوف متعلّقاً بالمعطوف عليه من حيث المعنى. ولا يشترط بالعطف بالواو ذلك. فوجه التعلق ههنا هو أن قوله: ﴿حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ﴾ يفيد معنًى واحداً في الاستماع كأنه يقول: يستمعون استماعاً بالغاً جيداً لأنهم يستمعون وإذا خرجوا يستعيدون من العلماء كما يفعله المجتهد في التعلُّم الطالب للتفهم، يفعلون ذلك استهزاء كما قال تعالى عنهم: ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: ١٤]. ويحتمل أن يكون فعلهم ذلك لعدم فهمهم. والأول يؤيده قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله على قُلُوبِ الكافرين﴾ [الأعراف: ١٠١]، وقوله بعد ذلك ﴿أولئك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ واتبعوا أَهْوَآءَهُمْ﴾ أي تركموا اتّباعَ الحقِّ، إما لعدم الفهم أو لعدم الاستفادة.
قوله: «آنِفاً» فيه وجهان:
أحدهما: أنه منصوب على الحال فقدَّره أبو البقاء: ماذا قال مُوْتَنِفاً؟ وقدره غيره مبتدئاً أي ما القول الذي ائْتَنَفَهُ الآن قبل انْفصاله عنه؟
والثاني: أنه منصوب على الظرف أي ماذا قال الساعة. قاله الزمخشري. وأنكره أبو حيان قال: لأنا لم نعلم أحداً عده من الظروف.
واختلفت عبارتهم في معناه؛ فظاهر عبارة الزمخشري أنه ظرف حالي كالآنَ، ولذلك فسّره بالسَّاعةِ.
وقال ابن عطية: والمفسرون يقولون: آنفاً معناه الساعة الماضية القريبة منا وهنذا تفسير بالمعنى. وقرأ البَزِّيُّ بخلاف عنه أنِفاً بالقصر. والباقون المدِّ، وهما