قوله: ﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ﴾ قيل: هم أصحاب القَليب. وقيل: اللفظ عام.
قوله: ﴿فَلاَ تَهِنُواْ وتدعوا إِلَى السلم﴾ يجوز جزم «تَدْعُوا» عطفاً على فعل النهي ونصبه بإضمار أن في جواب النهي. وقرأ أبو عبد الرحمن: بتشديد الدال فقال الزمخشري: مِن ادَّعَى القَوْمُ وتَدَاعَوْا مثل ارْتَمَوا الصَّيَد، وتَرَامَوْا. وقال غيره: بمعنى تغتروا. وتقدم الخلاف في السِّلْمِ.
فصل
لما بين أن عمل الكافر الذي له صورة الحسنات يحبط وذنبه الذي هوأقبح السيئات غير مغفور وأمر بطاعة الله وطاعة الرسول أمر بالقتال فقال: «فَلاَ تَهِنُوا» أي لا تَضْعُفُوا بعدما وجد السبب وهو الأمر بالجِدِّ والاجتهاد في القتال فقال: ﴿فَلاَ تَهِنُواْ وتدعوا إِلَى السلم﴾ أي إلى الصلح أبتداء فمنع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح وأمرهم بحربهم حتى يسلما.
قوله: ﴿وَأَنتُمُ الأعلون﴾ جملة حالية، وكذلك ﴿والله مَعَكُمْ﴾ وأصل الأَعْلونَ الأَعْلَيُونَ فَأُعِلًّ.
قال ابن الخطيب: أصله في الجمع الموافق أَعْلَيُونَ ومُصْطَفَيُونَ فسكنت الياء لكونها حرف علة تحرك ما قبله والواو كانت ساكنة فالتقى سكنان فلم يكن بُدٌّ من حذف أحَدِهِما وتحريك الآخر والتحريك كان قد ثبت في المحذور الذي اجتنب منه فوجب الحذف والواو فيه كانت لمعنى لا يستفاد إلاَّ منها وهو الجمع فأسقطت الياء وبقي أَعْلَوْنَ.
وبهذا الدليل صار في الجرِّ أَعْلَيْنَ ومُصْطَفَيْنَ. ومعنى الأعلون الغالبون قال الكلبي: أخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات ﴿والله مَعَكُمْ﴾ بالعَوْنِ والنُّصْرَةِ.