سَمَّيْتُمُوهَآ} إلى أن قال: ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً﴾ [النجم: ٢٣ ٢٨].
وثالثها: ظننتم أ، الله لا يرى ولا يعلم كما قال تعالى: ﴿ولكن ظَنَنتُمْ أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [فصلت: ٢٢].
قال: والأول أصح أو يقال: المراد جميع ظنونهم كما قال: ﴿ذَلِكَ ظَنُّ الذين كَفَرُواْ﴾ [ص: ٢٧]. ويؤيد ذلك دخول الألاف واللام في السَّوْء. وفي السَّوءِ وجُوهٌ:
أحدها: وهو اختيار المحققين من الأدباء: أن السَّوْسَ عبارة عن الفساد والصِّدق عبارة عن الصلاح، يقال: مررت برجل سَوءٍ أي فاسد، وسكنت عند رجل صِدْق، أي صالح وهو قول الخليل، والزَّجَّاج واختاره الزَّمخشريّ.
(وتحقيق هذا أن السوء في المعاني كالفساد في الأجساد يقال: ساء مِزَاجُهُ (و) ساء خُلُقُه (و) سَاءَ ظَنَّه، كما يقال: فسدَ اللحمُ وفسد الهواء بل كلُّ ما ساء فقد فسد، وكلّ؟ ما فَسدَ فقد سَاءَ غير أن أحدهما كثير الاستعمال في المعاني والآخر في الأجرام قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر﴾ [الروم: ٣٠] وقال: ﴿سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ٩] و [المجادلة: ١٥] و [المنافقون: ٢].
قوله: ﴿عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السوء﴾ أي دائرة الفساد يعني حاق بهم العذاب بحيث لا يخرجون منه ﴿وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ﴾ زيادة على التعذيب «وَلعنَهُمْ» أي الغضب يكون شديداً ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ﴾ في العُقْبَى ﴿وَسَآءَتْ مَصِيراً﴾ أي جهنم.
قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السماوات والأرض﴾ تقدم تفسيره. وفائدة الإعادة أن لله جنود الرحمة وجنود العذاب، أو جنود الله أنزلهم قد يكون إنزالهم للرحمة وقد يكون للعذاب فذكرهم أولاً لبيان الرحمة بالمؤمنين كما قال: ﴿وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً﴾ [الأحزاب: ٤٣] وثانياً: لبيان إنزال العذاب بالنافقين والمشركين.
وفي الأول ذكر الجنود قبل إِدْخَال الجنَّة وذَكرهم هنا بعد تعذيب الكفار وإعداد