عند المبايعة (حَسْب بل عند المبايعة) التي كان معها علم الله بصدقهم. والفاء في قوله ﴿فَأنزَلَ السكينة﴾ للتعقيب المذكور، فإنه تعالى رضي عنهم فأنزل السكينة عليهم.
وفي قوله: «فَعَلِمَ» لبيان وصف المبايعة يكون (ها) معقبة بالعلم بالصدق الذي في قلوبهم.
قوله: ﴿وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً﴾ يعني فتح خيبر. وقوله: ﴿وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً﴾ أي وآتاهم مَغَانِمَ أو أثابهم مغانم. وإنما قدر الخطاب والغيبة لأنه يقرأ: «يَأخُذُونَهَا» بالغيبة، وهي قراءة العامة، و «تَأخُذُونَهَا» بالخطاب وهي قراءة الأعمش وطَلْحَةَ ونافعٍ في رواية سِقْلاَبٍ.
فصل
قيل: المراد بالمغانم الكثيرة مغانم خيبر، وكانت خيبر ذاتَ عَقَار وأموال فقسمها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بينهم.
وقيل: مغانم هجر.
﴿وَكَان الله عَزِيزا﴾ كامل القدرة غنياً عن إعانتكم إياه «حَكِيماً» حيث جعل هلاك أعدائه على أيديهم ليثيبكم عليه، أو لأن في ذلك كان إعزاز قوم وإذلالَ لآخرين فقال: يُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ بِعِزَّتِهِ، ويعز من يشاء بِحِكْمَتِهِ.
قوله: ﴿وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾ وهي الفتوح التي تفتح لهم إلىيوم القيامة وليس المغانم كل الثواب، بل الجنة قُدَّامهم، وإنما هي عاجلة عَجَّلَ بها لهم، ولهذا قال: ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه﴾ يعني خيبر ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ الناس عَنْكُمْ﴾ وذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما قصد خَيْبَرَ وحَاصَرَ أهلها هَمَّ قبائلُ من أَسَدَ، وغَطَفَان، ِأن يُغِيرُوا على عِيَال المسلمين وذَرَارِيهِمْ بالمدينة فكف الله أيديهم بإلقاء الرعب في قلوبهم. وقيل: كف أيدي الناس عنكم يعني أهل مكة بالصلح، وليكون كفهم وسلامتكم آية للمؤمنين على صدقك، ويعلموا أن الله هو المتولِّي حياطتهم وحِرَاسَتَهُمْ في مشَهْدِهِمْ ومغيبهم.
قوله: «وَلتَكُونَ» يجوز فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يتعلق بفعل مقدر بعد تقديره: ولِتَكُونَ (فعلك) فعل ذلك.
الثاني: أنه معطوف على علة محذوفة تقديره: وَعَدَ فَعَجَّل وَكَفَّ لينتفعوا ولِيَكُونَ أو لتشكروا ولتكون.