قوله: ﴿أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار﴾ (قال ابن الخطيب: كأنه قال: «الذين معه» جميعهم ﴿أشداء الكفار رحماء بينهم﴾ لأن وصف الشدة والرحمة وجد في جميعهم، أما في المؤمنين فقوله تعالى: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين﴾ [المائدة: ٥٤] وأما في حق النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فقوله تعالى: ﴿واغلظ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣]. وقال في حقه: ﴿بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].
وعلى هذا فقوله: «تَرَاهُمْ» لا يكون خطاباً مع النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ بل يكون عاماً خرج مَخْرَج الخطاب تقديره تراهم أيها السامع كائناً من كان). وقرأ ابن عامر في رواية: رَسُولَ اللهِ بالنصب على الاختصاص وهي تؤيد كونه تابعاً لا خبراً حالة الرفع.
ويجوز أن يكون «وَالَّذِينَ مَعَهُ» على هذا الوجه مجروراً عطفاً على الجلالة أي ورسول الذين آمنوا معه لأنه لما أرسل إليهم أضيف إليهم فهو رسول الله بمعنى أن الله أرسله ورسول أمته بمعنى أنه مرسل إليهم ويكون «أشداء» حينئذ خبر مبتدأ مضمرم أي هُمْ أَشِدَّاءُ. ويجوز أن يكون تَمَّ الكلامُ على «رَسُول اللهِ» و «الَّذين مَعَهُ» و «أشِدَّاء» خبره. وقرأ الحسن: أشِدَّاءَ رُحَمَاءَ بالنصب إما على المَدْح وإمَّا على الحال من الضمير المستكِنّ في «مَعَهُ» ؛ لوقوعه صلة، والخبر حينئذ عن المبتدأ قوله «تَرَاهُمْ ركعاً» و «رُكَّعاً سُجَّداً» حالان؛ لأن الرؤية بصرية، وكذلك «يَبتَغُونَ». ويجوز أن يكون مستأنفاً. وإذا كان حالاص فيجوز أن تكون حالاً ثالثة من مفعول «تَرَاهُمْ» وأن تكون من الضمير المستتر في «رُكَّعاً سُجَّداً». وجوز أبو البقاء أن يكون «سُجَّداً حالاً من الضمير في» رُكَّعاً «حالاً مقدرةً. فعلى هذا يكون» يَبْتَغُونَ «حالاً من الضمير» سُجَّداً، فيكون حالاً من حال، وتلك الحال الأولى حالٌ من حالٍ أخرى. وقرأ ابن يَعْمُرَ أَشِدًّا بالقصر والقَصْرُ من ضرائر الأشعار كقوله:


الصفحة التالية
Icon