ويجوز أن ينتصب على المصدر المؤكد لمضمون الجملة السابقة، لأنها فضل إيضاً، إلا أنَّ ابن عطية جعله من المصدر المؤكد لنفسه.
وجوز الحَوْفِيُّ أن ينتصب على الحال وليس بظاهر ويكون التقدير متفضلاً منعماً أو ذا فضل ونعمة قال ابن الخطيب: ويجوز أن يكون فضلاً مفعولاً به والفعل مضمراً دل عليه قوله تعالى: ﴿أولئك هُمُ الراشدون﴾ وهم يبتغون فضلاً من الله ونعمة، قال: لأن قوله: فضلاً من الله إشارة إلى ما هو من جانب الله المغني. والنعمة إشارة إلى ما هو من جانب العبد من اندفاع الحاجة. وهذا يؤكد قولنا: أن ينتصب «فضلاً» بفعل مضمر وهو الابتغاء والطَّلَبُ.
ثم قال: ﴿والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ وفيه مناسبات:
منها: أنه تعالى لما ذكر نبأ الفاسق قال: فلا يعتمد على تَرْوِيجِهِ عليكم الزُّورَ فإن الله عليم، ولا يقل كقوله المنافق: «لَوْلاَ يَعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ» فإن الله حكيم لا يفعل إلا على وَفْق حكمته.
وثانيها: لما قال تعالى: ﴿واعلموا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله لَوْ يُطِيعُكُمْ﴾ بمعنى لا يطيعكم بل يتبع الوحي «فإن الله عليم» يعلم من يكذبه «حكيمٌ» بأمره بما تقتضيه الحكمة.
قوله تعالى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا... ﴾ الآية. لما حذر المؤمنين من النبأ الصادر من الفاسق أشار إلى ما يلزم استدراكاً لما يفوت فقال: فإن اتفق أنكم تبنون على قوله من يوقع بينكم من الأمر المُفْضِي إلى اقتتال طائتفين من المؤمنين ﴿فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الأخرى فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي﴾ أي الظالم يجب عليكم دفعه ثم إن الظالم إن كانو عو الرعية فالواجب على الأمير دفعهم وإن كان هو الأمير فالواجب على المسلمين دفعه بالنصيحة فما فوقها وشرطه أن لا يُثيرَ فتنة مثل التي في اقتتال الطائفتين أو أشد منهما.
فصل
الضمير في قوله: «اقْتَتَلُوا» عائد أفراد الطائفتين كقوله (تعالى) :{هذان