الأخوة الإسلامية على الأخوة النَّسَبِيَّة مطلقاً حتى يكون مال المسلم للمسلمين لا لأخوة النسب؟
فالجواب: أن الأخ المسلم إذا كان أخاً من النسب فقد اجتمع فيه أُخُوَّتان فصار أَقْوَى.

فصل


قال النحاة ههنا: إنَّ «مَا» كافَّة تكف إنَّ عن العمل، ولولا ذلك لقيل: إنَّمَا الْمُؤْمِنِينَ إخوَةٌ وفي قوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٩] وقوله: ﴿عَمَّا قَلِيلٍ﴾ [المؤمنين: ٤٠] ليست كافة. قال ابن الخطيب والسؤال الأقوى: هو أن رُبَّ من حرفو الجر و «الباء» و «عن» كذلك. و «ما» في «رُبَّ» كافّة، في «عما» و «بما» ليست كافة. والتحقيق فيه هو أن الكلام بعد «رُبَّمَا» و «إِنَّما» يكون تاماً ويمكن جعله مستقلاً، ولو حذفت «ربّما وإنَّما» لم يضرَّ تقول: ربَّمَا قَامَ الأَمِيرُ، ورُبَّمَا زَيْدٌ في الدَّارِ. ولو حذف «رُبَّمَا» وقلت: زَيْدٌ فِي الدَّار وقام الأمير لصحَّ، وكذلك في «إنَّما» و «لَكِنَّما» وأما «عَمَّا» و «بما» فليس كذلك، لأن قوله تعالى:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٩] لو حذفت «بما» وقلت: رَحْمةٌ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ، لما كان كلاماً، فالباء تُعَدّ متعلقة بما يحتاج إليها فهي باقية حقيقه وكذلك «عَمَّا»، وأما «رٌبَّمَا» لما استغنى عنها، فكأنها لم تبق حكماً، ولا عَمَلَ للمعدوم.
فإن قيل: إنَّ «إذَا» لم تُكَفَّ بِمَا فما بعده كلام تام فوجب أن لا يكون له عمل. تقول: إنَّ زَيْداً قَائِمٌ ولو قلت: زيدٌ قائمٌ لَكَفَى وَتمَّ!
نقول: ليس كذلك لأن ما بعد إنَّ يجوز أَنْ يكون نكرة تقول: إنَّ رَجُلاً جَاءَنِي وأَخْبَرَنِي بكذا. وتقول جَاءَنِي رَجٌلٌ وأَخْبَرَنِي. ولا يحسن: إنَّما رَجٌلٌ جَاءني كما لو لم يكن هناك إنما. وكذلك القول في لَيْتَمَا لو حذفتهما واقتصرْت على ما بعدهما لا يكون تاماً فلم يكف. وتقدم الكلام في «لعلّ» مِرَاراً.


الصفحة التالية
Icon